مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الجيم مع الزاي

          الجيم مع الزَّاي
          343- قوله: «ما أجزَأ منَّا أحدٌ كما أجزَأ فلانٌ» [خ¦2898]؛ أي: ما كفَى وأغنَى، يقال: أجزَأني الشَّيء كفاني، وهذا الشَّيءُ يجزِئ عن هذا، مَهموزٌ وغيرُ مَهموزٍ في لُغةٍ.
          وفي «باب القراءةِ في الفجرِ»: «وإن لم تزِد على أمِّ القُرآنِ أجزَت عنك»، كذا للقابسيِّ.
          وعند غيرِه: «أجْزَأَت عنك» [خ¦772] على اللُّغتَين، قال صاحبُ «الأفعال»(1) : أجزَأ الشَّيءُ كفى، واجْتَزَأتُ(2) به؛ أي: اكتَفَيتُ، وأجزَأ عنك كفَى، وجزَيتُك غيرُ مهموزٍ كافَأتُك بفِعلِك، وجزَى عنِّي قضَى عنِّي، وأجزَيتُ عنك قُمتُ مقامَك، وجزاءُ الصَّيدِ ما يقوم مقامَه وينوبُ عنه في الكفَّارةِ، ويكون قضاؤه.
          وقوله صلعم: «لن تَجزيَ عن أحدٍ بعدَك» [خ¦955]؛ أي: لن تنوبَ ولا تقضِي ما يجِب عليه من الضَّحِيَّة، غيرُ مَهموزٍ، وجزاه الله خيراً أثابَه، وجزَيتُ فلاناً وجازَيتُه على فِعْله، قال الهرويُّ: فإن أردتَ معنى الكفايةِ قلتَ: جزى الله عنِّي وأجزَأ، وإلى هذا ذهَب بعضُهم، وإنَّ جزَى وأجزَأ بمعنَى كفَى وقضَى، وقال آخرون: أجزَيْتُ عنك قضَيتُ، وأجزَيتُ كفَيت.
          وقوله: «جزاءً بعُمرةِ النَّاس التي اعتمَروا»؛ أي: مكانَها وعوضاً منها.
          وفي الحديثِ: «أَتَجزِي إحدَانا صلاتَها» [خ¦321]؛ أي: تَقضِيها، كما في الحديثِ الآخرِ: «أَتقضِي إحدانا»، وقوله: «وتُجزِي من ذلك رَكعَتانِ»؛ أي: تنوبُ وتقضِي، «فأمرهنَّ أن يَجزِين»؛ أي: يقضِين، كلُّ هذا غيرُ مَهموزٍ.
          344- «والجَزورُ» [خ¦2143] ما يُجزَر ويُنحَر من الإبلِ خاصَّةً، وجمعُه جُزُرٌ، ويُجمَع جزائر أيضاً، والجَزَرة من سائر الأنعامِ الإبلُ وغيرُها، وقيل: بل تختصُّ بالغنَمِ، وقوله: «لا يُعطِيَ على جِزارَتها منها» [خ¦1717]؛ أي: على عَملِ الجزَّار فيها.
          345- وقوله: «فيَقطعُه جَزلَتين»؛ أي: قِطعتَين، وحكاه ابنُ دُريدٍ بكسر الجيم، ويقال: جاء زمنُ الجزال بالوَجهَين ضبَطناه، وهو زمنُ صِرام النَّخل، كما يقال: جَداد وجِداد. /
          346- و«قلادةٌ من جَزْع» لا غيرُ، وهو خرَزٌ مُلوَّن، وكان عند بعضِ شيوخِنا بفتح الزَّاي وسكونِها، وأمَّا «الجزْع» [خ¦23/41-2053] فمُنقَطع الوادي بفتحِ الجيم وكسرِها وسكونِ الزَّاي، ومنه في حديثِ الحجِّ: «حتَّى جزَعَه» يعني محسِّراً؛ أي: قطَعَه بالمُرورِ.
          والجَزَعُ الفزَعُ وضِدُّ الصَّبرِ، ومنه الحديث: «ورأى جزَعَهم» [خ¦3145](3)، وقال ابنُ عبَّاس(4) في البُخاريِّ: «الجزَعُ القولُ السيِّئ» [خ¦23/41-2053]، ومنه قولُه في حديثِ ابنِ عبَّاس عند وفاةِ عمرَ: «وكأنَّه يُجَزِّعُه» [خ¦3692]؛ أي: يزِيل جزَعَه، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} [سبأ:23]؛ أي: أُزِيل عن قلوبِهم الرَّوعُ، وكما يقال: مَرَّضَه إذا عانَى إزالةَ مَرضِه.
          وروَاه الجُرجانيُّ: «وكأنَّه جَزِعَ»، وهذا يرجِعُ إلى حالِ عمرَ ☺، ويصحُّ به الكلامُ.
          قوله: «قامُوا إلى غُنَيمةٍ فتجزَّعوها أو قال: فتوزَّعوها» [خ¦5549]؛ أي: قسَموها، وقد تقدَّم [الجيم مع الذَّال]: «إلى جُزيعةٍ».
          347- وفي البُيوعِ ذِكرُ المُجازفةِ [خ¦2131]، وهو بيعُ الشَّيءِ بغيرِ وزنٍ ولا كيلٍ، وهو الجِزافُ أيضاً، بكسر الجيم.
          348- وفي الحديثِ: «بئسَ ما جزَيْتِيها»، كذا الرِّوايةُ بإثباتِ الياءِ بعد التَّاء، وهي لغةٌ، ومِثلُه «حُزتِيه».
          وفي حديث بني إسرائيل: «كنت أبايعُ النَّاسَ... فأُجازِيهم». [خ¦3451]
          وقوله: «فقالت امرأةٌ جَزْلةٌ»؛ أي: عاقلةٌ، وقال ابنُ دُريدٍ: الجزالةُ الوقارُ والعقلُ.
          349- وقوله(5) : «إِذْخِرٌ وجَليلُ» [خ¦1889] الجليلُ الثُّمامُ.
          وقوله: «ذَنْبي... دِقَّهُ وجِلَّهُ»؛ أي: صغيرَه وعظيمَه.
          و«جِلال البُدن» [خ¦1707] و«أجِلَّتها» ثيابٌ تُجلَّل بها وتُكسَاها، و«جَوَالُّ القَريةِ»، و«الجلَّالةُ» هي التي تأكُل العَذراتِ من الحيوانِ، وأصلُ الجِلَّةِ البَعرُ، ثمَّ استُعِير لرَجيعِ الإنسانِ، ويقال منه: جَلَّت تجلُّ، واجتَلَّت تَجْتَلُّ.


[1] صاحب «الأفعال» هو العلامة أبو القاسم عليُّ بنُ جَعفرِ بنِ عليٍّ السَّعديُّ، الصَّقليُّ، المشهور بـــ«ابن القطاع» شيخُ اللَّغةِ في زمانه، توفي سنة 515هـ.
[2] في (س): (وأجزأت).
[3] ولفظه: «إنِّي أُعطِي قوماً أخافُ ظَلَعَهم وجَزَعَهم». [خ¦3145]
[4] هو في البُخاريِّ من قولِ محمَّد بنِ كَعبٍ القُرظيِّ.
[5] من هنا إلى الوهم والخلاف حقُّه أن يُذكَر في الجيمِ مع اللَّام كما هو في «المشارق».