مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الجيم مع النون

          الجيم مع النُّون
          367- قوله: «يَجْنأُ عليها» [خ¦4556] يعني: اليهوديَّ، يأتي في بابِ الوَهمِ.
          368- وقوله: «لا جَنَب» هو أن يُجنَب مع الفرسِ الذي يُسابَق به فرسٌ آخر؛ أي: يُقادُ فرسٌ بغيرِ راكبٍ، حتَّى إذا دنَى راكبُ الفرسِ المُسابَق به من الغايةِ تُحوِّل عنه إلى هذا المَجنُوبِ ليسبِق به لجَمامه وجَريِه من قبلُ مِن غيرِ راكبٍ، هذا تفسيرُ مالك للحديثِ، وتأوَّله غيرُ مالكٍ في الزَّكاةِ، وهو أن يجنب؛ أي: يَبعُد صاحبُ الماشية عن مَوضعِ السَّاعي فِراراً من الزَّكاةِ(1).
          قوله: «إذا مرَّ بجَنَبات أُمِّ سُليم» [خ¦5163]؛ أي: بنَواحِيها، واحدُها «جنَبَةٌ»، وهي النَّاحيةُ، والجانبُ، والجَنَابُ، ومنه قولُه: «وعلى جَنَبتَيِ الصِّراطِ»؛ أي: ناحِيتَيه، ومنه: «وإنَّ الطَّيرَ لتَمرُّ بجَنَباتِهم فتخِرُّ» يعني / يأجوجَ ومأجوجَ، وتقدَّم ذِكرُه.
          و«صاحبُ ذَاتِ الجَنْب» [خ¦5692] قال التِّرمذيُّ: هو السِّلُّ.
          وفي «البارع»: هو الذي يطُول مرضُه، وقال النَّضرُ: هي الدُّبَيلةُ، وهي قَرحَةٌ تثقُب البَطن، وقال بعضُهم: هي الشَّوصَة.
          و«التَّمرُ الجَنِيبُ» [خ¦2201] قال مالكٌ: هو الكبِيسُ، وقال غيرُه: هو كلُّ تمرٍ ليس بمُختلِطٍ، بخلافِ الجَمْعِ، وقال الطَّحاويُّ وابنُ السَّكن: هو الطَّيِّبُ، وقيل: هو المتِينُ.
          وقوله: «أَجْنَبْنا» [خ¦340] الجنابةُ مَعلومةٌ، وهي مَأخوذةٌ من البُعدِ؛ لأنَّه يتجنَّب مَوضِعَ الصَّلاةِ، وقيل: لمُجانبتِه النَّاس، وقيل: لمُفارقتِه النُّطفة، ورجلٌ جُنُبٌ، ورجالٌ جُنُبٌ، وأجنابٌ أيضاً، ومنه: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:43]، وامرأةٌ جُنُبٌ، ويقال: رجلٌ جُنُبٌ بعيدُ النَّسبِ، وجنَب وأجنَب: أصابته جنابةٌ.
          وقوله: «مَنِ اغتسلَ غُسْلَ الجنابةِ» [خ¦881]؛ أي: صفةَ غُسلِ الجنابةِ بالإسباغِ والكَمالِ.
          و«على المُجَنِّبةِ اليُمنَى» قال شمرٌ: هي الكتيبَة التي تأخُذ جانبَ الطَّريقِ الأيمنِ، وهما مجنِّبَتان؛ مَيْمنةٌ ومَيْسرةٌ بحافَّتَي الطَّريق، والقلبُ بينهما.
          369- «جَنَحَ اللَّيلُ» [خ¦705] أقبَل حين تغِيب الشَّمسُ، ومنه قولُه: «إذا استَجْنحَ الليلُ أو قال: جُنحُ اللَّيل» [خ¦3280]، كذا لكافَّتِهم، وعند النَّسفيِّ وأبي الهيثم والحَمُّويي: «أو كان جُنْحُ اللَّيل»، ويقال: جِنْح وجُنْح، ويقال: معنى جنَح مال، والجُناحُ الإثْمُ والضِّيقُ، وجَناحُ الإنسان عضدُه وإبطُه.
          و«جَنَّحَ في سجُودِه»، و«يُجنِّح»، كلُّ ذلك رفَع عضُدَيه عن إبطَيه، وذِراعَيه عن الأرضِ، وفرَّج ما بين يدَيه، ورواه السَّمرقنديُّ: «يُجنِح» بالتَّخفيفِ، وهو وهمٌ.
          في الحديثِ: «فإذا فيها جَنابِذُ اللُّؤلُؤِ» كذا في مُسلمٍ.
          وفي البُخاريِّ في «كتابِ الأنبياءِ»: [خ¦3342] مِن روايةِ غيرِ المَروزِيِّ، وفسَّروه بالقِبابِ، واحدُها جُنْبُذة، والجُنْبُذة ما ارتفَع من البناءِ.
          وجاء في البُخاريِّ في الصَّلاةِ: «حبائلُ اللُّؤلُؤِ» [خ¦349]، وزعَم قومٌ أنَّه تصحيفٌ من جنابذ، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
          370- قوله: «أُمراءُ الأَجنادِ» [خ¦5729] يعني أجنادَ الشَّام، / و كان عمرُ قسَمها أوَّلاً على أربعةِ أمراءَ، مع كلِّ أمير جندٌ، ثمَّ جمَعَها آخِراً لمُعاوِيةَ.
          والجُندب بفتح الدَّال وضمِّها مع ضمِّ الجيم، وبكسر الجيم أيضاً مع فتح الدَّال وكسرِها، و«الجَنادِبُ» جمعُ ذلك، هو شِبهُ الجراد، وقيل: هو الجرادُ نفسُه، وقيل: هو ذَكَرُها، وقيل: هو صَرَّار اللَّيل، وقيل: بل صرَّار اللَّيل يقال له: الجُدْجُد، وهو شِبهُ جراد وليس به، وهذا أصحُّ.
          وقوله: «الأرواحُ جنودٌ مُجنَّدةٌ» [خ¦3336]؛ أي: جموعٌ مجمَّعةٌ، وقيل: أجناسٌ مختلفةٌ.
          371- و«الجنَازة» [خ¦383] بكسر الجيم وفتحها اسم للميِّت وللسَّريرِ، وقيل: للميِّت بالفتحِ، وللسَّرير بالكسرِ، وقيل بالعكسِ، وقوله: «كلامُ الميِّتِ على الجَنازةِ» [خ¦23/90-2176]؛ أي: على السَّريرِ لا غيرُ.
          372- وقوله: «كُنَّ له جُنَّةً من النَّار»؛ أي: سِتراً، وكذلك: «الصِّيامُ جُنَّةٌ» [خ¦1894]؛ أي: سِترٌ من النَّار ومانعٌ، و«الإمامُ جُنَّةٌ» [خ¦2957] سِترٌ لمن خلفَه في الصَّلاة من المارِّ والسَّهوِ، وجُنَّةٌ لمن في نظرِه، ومانعٌ منهم عدوَّهم وواقيهم إيَّاهم، ويُفسِّره بقيةُ الحديث، وهو قوله: «ويُتَّقَى به»، فكأنَّه لهم كالدِّرعِ الذي يُستَتَر به من العدوِّ، والجُنَّةُ: الدِّرعُ.
          وفي الحديثِ: «عليه جُنَّتانِ من حَديدٍ»؛ أي: دِرعان على روايةِ مَن رواه بالنُّونِ.
          و«الجِنَّانُ» [خ¦3311] عوامرُ البيوتِ يتمثَّل حيَّةً رقيقةً، قاله ابنُ وَهبٍ، وقيل: «الجِنَّان» ما لا يتعرَّض للنَّاسِ، والخُبَّلُ(2) ما يتعرَّض، وقيل: «الجِنَّان» مسخُ الجنِّ.
          و«المِجَنُّ» [خ¦2903] التُّرسُ؛ لأنَّه يُستَتَر به، و«المَجَانُّ المُطْرَقةُ» [خ¦2927] بفتحِ الميم وشدِّ النُّون جمعُ «مِجَنٍّ»، ووزنه مَفاعِلَ، وحكَى القاضي شيخُنا أبو عبد الله محمدُ بنُ أحمدَ التُّجِيبيُّ عن أبي مروانَ بن سِرَاجٍ أنَّ ابنَ الإفليليِّ كان يقوله بكسر الميم: «مِجان»، قال أبو مروانَ: وهو خطأٌ، وإنَّما هو مثلُ مِحْمل ومَحامل، الميمُ فيه زائدةٌ مفتوحةٌ في الجَمعِ، وقد رواه ابنُ السِّماك وغيرُه من رُواةِ البُخاريِّ بكسرِ الميم كما قال ابنُ الإفليليِّ.
          وقوله: «تُجِنَّ بَنَانَهُ» [خ¦5299]؛ أي: تُغطِّي وتستُر، وبه سُمِّي الجنُّ والجِنَّةُ؛ لاستتارِهم عن النَّاس، وجُنَّ اللَّيلُ، وجُنَّ عليه اللَّيلُ، وجَنَّه وأجَنَّه، إذا أظلَم عليه فستَره، والجَنَّةُ منه؛ لأنَّ شجَرها يستُر أرضَها / أو داخلَها، وجمعُها جنَّاتٌ وجِنانٌ، ومنه: «قد مُلِئَ جِنَاناً»، والعامَّة يحسِبونَه واحداً ويجمَعونه «أَجِنَّةً»، وهو لحنٌ.
          و«الجَنينُ» [خ¦5760] ما استَتَر في بطنِ أمِّه، فإن خرَج حياًّ فهو ولدٌ، وإن خرَج ميِّتاً فهو سِقطٌ، لكن جاء في الحديثِ إطلاقُ الاسمِ عليه بعد خرُوجِه استِصحاباً لما قبلُ.


[1] زاد في (غ): (وقد تقدَّم شيءٌ من تَفسيرِ ذلك في حرفِ الجيمِ مع اللامِ).
[2] تحرف في الأصُولِ إلى: (الحبل)، وهو جمع «خابل». ينظر «شرح القاموس» مادة (خ ب ل).