الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إن لنا طلبةً، فمن كان ظهره حاضراً

          2150- الثَّالث والخمسون: عن سلَيمانَ بن المغيرة عن ثابتٍ عن أنس قال: «بعَث رسول الله صلعم بُسَيسةَ عَيناً ينظر ما صَنَعَت عير(1) أبي سفيانَ، فجاء وما في البيت غيرُ رسول الله صلعم وغيري، قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه، قال: فحدَّثه الحديث(2) فخرَج رسول الله صلعم فتكلَّم، فقال: إنَّ لنا / طَلِبةً، فمَن كان ظَهرُه(3) حاضراً فليركب معنا.
          فجعل رجالٌ يستأذنونه في ظهرهم في عُلْو المدينة، فقال: لا، إلَّا من كان ظهرُه حاضراً. فانطلَق رسول الله صلعم وأصحابُه حتَّى سبقوا المشركين إلى بدرٍ، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلعم: لا يَقْدَمَنَّ أحدٌ منكم إلى شيءٍ حتَّى أكون أنا أُوذنُه. فدنا المشركون، فقال رسول الله صلعم: قوموا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّموات والأرض.
          قال: يقول عُمير بن الحُمام الأنصاريُّ: يا رسول الله؛ جنَّة عرضها السَّموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخٍ بخٍ(4) يا رسول الله! فقال رسول الله صلعم: ما يحملُك على قولك: بخٍ بخٍ؟ قال: لا والله يا رسول الله؛ إلَّا رجاءَ أن أكون من أهلها. قال: فإنَّك مِن أهلها. فاختَرَجَ(5) تَمَراتٍ من قَرْنِه(6)، فجعل يأكل منهنَّ، ثمَّ قال: لَئِن أنا حييتُ حتَّى آكلَ تَمراتي هذه إنَّها لحياةٌ طويلةٌ، قال: فرمى بِما كان معه من التَّمر، ثمَّ قاتلهم حتَّى قُتِلَ».


[1] العِير: الإبلُ تحمل الميرة.
[2] في (الحموي): (فحدثنا بحديث)، وما أثبتناه موافق لنسختنا من رواية البخاري.
[3] الظَّهر: الرِّكاب، والرَّكابُ: المَطي، وهي الرواحل، الواحدة راحلة، وبعيرٌ ظهيرٌ أي: قويّ الظَّهر، وجمل رحيلٌ أي: قويّ على السير.
[4] بخٍ: كلمة تقال عند المدح، وبَخْبَخَ الرجل: إذا قال ذلك، قال ابن الأنباري: معناها تعظيم الأمر وتفخيمه، وسكنت الخاء كما سكنت اللام من هلْ وبلْ، وأصله التَّشديد كما قال الراجز:
(في حسَبٍ بخٍّ وعزٍّ أقْعساء)
ثم خُفِّف، ويقال: بخٍ بخٍ بالخفض منوناً تشبيهاً بالأصوات كصهٍ ومهٍ، وقال ابن السكيت: بَخْ بَخْ وبَهْ بَهْ بمعنى واحد.
[5] اختَرَج: بمعنى أخرَج.
[6] القَرَن: بفتح الراء جعبة صغيرة تُضَم إلى الجعبة الكبيرة، كذا في «المجمل»، وقال الهروي: القرَن جُعبة من جلود تُشق ثم تخرَز، وإنما تشق كي تصل إليها الريح فلا تفسد ريش السهام الموضوعة فيها، وجمعها أقرُنٌ.