الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا

          2123- السَّادس والعشرون: عن حَمَّاد بن سلمَةَ عن ثابتٍ عن أنسٍ: «أنَّ رسول الله صلعم شاور حين بلَغه إقبالُ أبي سفيان، قال: فتكلَّم أبو بكرٍ فأعرَض عنه، ثمَّ تكلَّم عمرُ فأعرَض عنه، فقام سعدُ بنُ عبادة فقال: إيَّانا تريدُ يا رسول الله! والَّذي نفسي بيده، لو أمرتَنا أن نُخيضَها البحرَ لأخَضْناها، ولو أمرتَنا أن نَضرِبَ أكبادها إلى بَرْكِ الغِماد لفَعلنا، قال: فندَب رسول الله صلعم النَّاس، فانطلقوا حتَّى نزلوا بدراً.
          وورَدت عليهم رَوايا(1) قريشٍ وفيهم غلامٌ أسودُ لبني الحجَّاج، فكان أصحابُ رسول الله صلعم يسألونه عن أبي سفيانَ وأصحابِه، فيقول: ما لي علمٌ بأبي سفيانَ، ولكن هذا أبو جهلٍ وعتبةُ وشيبةُ وأميَّةُ بنُ خلف. فإذا قال ذلك ضرَبوه، وقال: نعم، أنا أخبِرُكم، هذا أبو سفيانَ. فإذا تركوه فسألوه قال: ما لي بأبي سفيانَ علمٌ، ولكن هذا أبو جهل وعتبةُ وشيبةُ وأميَّة بن خلف في النَّاس. فإذا / قال هذا أيضاً ضرَبوه، ورسول الله صلعم قائمٌ يصلِّي، فلمَّا رأى ذلك انصَرَف وقال: والَّذي نفسي بيده، لَتضربونه إذا صدَقَكم، وتترُكونَه إذا كذبَكم!
          قال: وقال رسول الله صلعم: هذا مصرَع فلان.
          ويضع يده على الأرض ههنا وههنا. قال: فما ماطَ(2) أحدُهم عن موضع يد رسول الله صلعم».


[1] الرَّوايا: الحوامِل للماء، واحدتها راوية، وقد يُستعار ذلك، والمَزادَة رَاوية، والجمل الذي يُستقى عليه راويةٌ، وقد استعاره بعض الشعراء للقَطا، وسُمي جماعةُ القَطا راوية لفراخها لحملَها الماء إليها.
[2] فما مَاط أحدُهم من يد رسول الله صلعم: أي ما زال ولا بَعُد، ومِنه إماطة الأذى: إزالته وتنحيتُهُ، والميط: المَيل والعُدُول.