الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: أن نبي الله كتب إلى كسرى وإلى

          2109- الثَّاني عشر: عن سعيد بن أبي عَروبَةَ عن قتادَةَ(1) عن أنس: «أنَّ نبيَّ الله صلعم كتَب إلى كسرى وإلى قيصرَ وإلى النَّجاشيِّ، وإلى كلِّ جَبَّارٍ، يدعوهم إلى الله ╡، وليس بالنَّجاشيِّ الَّذي صلَّى عليه رسول الله صلعم». /
          وأخرجه مسلم أيضاً من حديث خالدِ بن قَيسٍ عن قتادَةَ عن أنسٍ عن النَّبيِّ صلعم، ولم يَذكر فيه ولا في روايةِ عبد الوهَّابِ بنِ عطاءٍ عن سعيدِ بن أبي عَروبَةَ قولَه: «وليس بالنَّجاشيِّ الَّذي صلَّى عليه رسول الله صلعم».
          وليس لخالد بن قيس عن قتادَةَ في مسند أنس من «صحيح مسلم» إلَّا حديثان، هذا أحدُهما: «أنَّه صلعم كتب إلى كسرى وقيصر والنَّجاشيِّ وإلى كلِّ جَبَّارٍ...» الحديثَ، والحديث الثَّاني: «أنَّه أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر والنَّجاشيِّ(2)، فقيل: إنَّهم لا يقبلون كتاباً إلَّا بخاتَمٍ، وأنَّه صلعم صاغ خاتَماً...» الحديثَ.
          وقد ذكرناه قبلَ هذا في السَّادس عشر من المتَّفق عليه.
          وقد وَهِمَ في أحدهما خلفٌ الواسطيُّ تعالى في كتابه، فأخرج الَّذي فيه «أنَّه كتب إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيّ» من رواية حنظلة بن قيس عن قتادَةَ، وأخرج الثَّاني في اتِّخاذ الخاتم من رواية خالد بن قيس عن قتادَةَ، والحديثان جميعاً من رواية خالد بن قيس عن قتادَةَ، وكتاب مسلم شاهدٌ بذلك، فإنَّه أخرج الأوَّل في أوائل المغازي، وأخرج الثَّاني في اتِّخاذ الخاتم في كتاب اللباس.
          وقد أخرجهما أبو مَسعودٍ على الصَّواب في ترجمة خالد بن قيس عن قتادَةَ، إلَّا أنَّه قال في حديث اتِّخاذ الخاتم: رواه مسلم في اللباس عن نصر بن علي عن أبيه عن خالد، كذا فيما عندنا من كتاب أبي مسعود، وإنَّما هو في أصل كتاب مسلم في اللباس عن نصر بن عليٍّ الجهضميِّ عن نوح بن قيس عن أخيه خالد بن قيس عن قتادَةَ.
          وهكذا أخرجه خَلفٌ في كتابه على الصَّواب الموجود في كتاب مسلم. /
          ورأيتُ بخطِّ أبي عبد الله الصُّوريِّ الحافظِ في ذكر خَلفٍ الواسطيِّ: حنظلةَ بنَ قيس في آخر هذين الحديثَينِ، فقال: هذا خطأٌ فاحشٌ من خلفٍ، والصَّواب: خالد بن قيس، وكلا الحديثين عنده، وقد جعلهما ترجمتين، وليس لحنظلة بن قيس ههنا عملٌ أصلاً، ذلك تابعيٌّ يروي عن أبي هرَيرةَ، ورافع بنِ خَديج، روى عنه يحيى بنُ سعيد الأنصاريِّ وربيعةُ بنُ أبي عبد الرَّحمن، وحديثه في «الصَّحيحين»، وهو حنظلة بن قيس الأنصاريُّ الزُّرَقيُّ، ولا أعلمُ في الرُّواة ممَّن اسمه حنظلة أحداً يشاركه في اسم أبيه، هذا آخر كلام الصُّوريِّ.


[1] سقط قوله (عن قتادَةَ) من(الحموي).
[2] من قوله: (النجاشي..) إلى هنا سقط من (ق).