غاية التوضيح

باب فضل الحرم

          ░43▒ (بابُ فَضْلِ الحَرَمِ)
          أي: حرم مكَّة، وهو ما أحاطها من جوانبها، جعل الله حكمه في الحرمة حكمها تشريفًا لها، وحدُّه من طريق المدينة عند التَّنعيم على ثلاثة أميالٍ من مكَّة، وقيل: أربعة، ومن اليمن والعراق على سبعة أميالٍ، ومن الجدَّة على عشرة، والسَّبب في اختلاف الحدود قربًا وبعدًا ما قيل أنَّ الله تعالى لمَّا أهبط على آدم ◙ بيتًا من ياقوتة أضاء ما بين المشرق والمغرب، فتغيَّرت الجنُّ والشَّياطين، فاستغاث بالله ╡ آدم منهم وخاف على نفسه، فبعث الله تعالى ملائكةً فحفُّوا مكَّة فوقفوا مكان / الحرم، موضع وقوف الملائكة.
          قوله: {إِنَّمَا أُمِرْتُ} [النَّمل:91] أي: قل لهم يا محمَّد: إنَّما أُمِرت.
          قوله: {الَّذِي حَرَّمَهَا} [النَّمل:91] لا يسفك فيها دمٌ حرام، ولا يظلم فيها أحدٌ من المسلمين؛ أي: المنقادين الثَّابتين على الإسلام، ووجه تعلُّق هذه بالتَّرجمة من حيث أنَّه اختصَّها من جميع البلاد بإضافة اسمه إليها لأنَّها أحبُّ بلاده إليه وأكرمها عليه، وموطن نبيِّه ومهبط وحيه.
          قوله: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ} [القصص:57] أي: أولم نهيِّئ لهم حرمًا؛ أي: أولم نجعل مكانهم في حرمٍ ممنوعٍ من الأعداء يأمن فيه الخائف.
          قوله: {يُجْبَى إِلَيْهِ} [القصص:57] أي: يجلب ويجمع إليه ثمرات كلِّ بلد.
          قوله: {رِّزْقًا} [القصص:57] مصدر من معنى يجيء لأنَّه في معنى يرزق، أو مفعول له، أو حال بمعنى مرزوقًا من ثمرات.
          قوله: (لا يُعْضَدُ)، قوله: (ولا يُنَفَّرُ) أي: يزعج من مكانه، و(اللُّقَطة) بفتح القاف، والعامَّة تسكِّنها.
          قوله: (إلَّا مَنْ عَرَّفَها) أي: أشهرها، يعني أنَّ لقطتها بعد التَّعريف لا يجوز تملُّكها بخلاف غير الحرم، فإنَّه يجوز تملُّكها بشروط، فالمعنى لا يلتقط إلَّا من عرَّفها أنَّه عرَّفها في سائر البقاع حَوْلًا كاملًا حتَّى لا يتوهَّم أنَّه إذا نادى عليها وقت الموسم فلم يظهر مالكها؛ جاز له أن يملكها؛ كذا في «المقاصد».