غاية التوضيح

باب فضل مكة وبنيانها

          ░42▒ (باب بَيان فَضْلِ مَكَّةَ)
          قوله: {مَثَابَةً} [البقرة:125] أي: مرجعًا ومعادًا كلَّ عامٍ يرجعون إليه فلا يقضون منه وطرًا، أو موضع ثواب يثابون بحجِّه واعتماره.
          قوله: {وَأَمْنًا} [البقرة:125] أي: من المشركين أبدًا، فإنَّهم لا يتعرَّضون لأهل مكَّة، ويتعرَّضون لمن حولها، أو لا يؤاخذ الجاني الملتجئ إليه، كما هو مذهب أبي حنيفة ☼ ، وقيل: يأمن الحاجُّ من عذاب الآخرة من حيث أنَّ الحجَّ يجبُّ ما قبله.
          قوله: {وَاتَّخِذُوا} [البقرة:125] عطف على {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البقرة:122]، أو {جَعَلْنَا} بتقدير وقلنا: اتَّخذوا، واللَّام للاستحباب، و{مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة:125] الحجر المعروف، أو المسجد الحرام، أو الحرم، و{مُصَلًّى} [البقرة:125] أي: موضع صلاة.
          قوله: {وَعَهِدْنَا} [البقرة:125] أي: أمرنا بأن طهِّراه من الأوثان والأنجاس وما لا يليق به.
          قوله: {وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة:125] أي: المقيمين عنده أو المعتكفين.
          قوله: {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:125] جمع راكع وساجد؛ أي: المصلِّين.
          قوله: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ} [البقرة:126] فاستجاب الله تعالى، نبَّه سبحانه أنَّ الرِّزق عامٌّ يعمُّ المؤمن والكافر، أو مبتدأ تضمَّن معنى الشَّرط خبره {فَأُمَتِّعُهُ} [البقرة:126]، والكفر وإن لم يكن سببًا للتَّمتُّع لكنَّه سبب تقليل بأن يجعل مقصورًا على حظوظ الدُّنيا غير متوسِّل إلى نيل الثَّواب، ولذلك عطف عليه قوله: {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} [البقرة:126] أي: الجيئة إليه.
          قوله: {الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة:127] أي: أساس البيت.
          قوله: {تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة:127] أي: بناء البيت.
          قوله: {أُمَّةً} [البقرة:128] أي: جماعة، وإنَّما خصَّنا بعض الذُّرِّيَّة بالدُّعاء لما علمنا أنَّ في ذرِّيَّتهما ظلمة وعلماء، إنَّ الحكمة الإلهيَّة لا تقتضي الاتِّفاق على الإخلاص والإقبال الكلِّيِّ على الله تعالى، فإنَّه ما يشوِّشُ المعاش، ولذلك قيل: لولا الحمقاء لخربت الدُّنيا، قال القاضي: كذا في «القسطلانيِّ».