انتقاض الاعتراض

باب من انتظر حتى تدفن

          ░58▒ (باب مَن انتظر حين(1) تُدفن)
          أورد الحديث بلفظ: «وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى / تُدْفَنَ» فسأل الزَّين بن المُنيِّر لم عدل عَن لفظ الشهود إلى الانتظار، وأجاب بأنَّهُ أشار إلى أنَّ المقصود إنَّمَا هو معاضدة أهل الميِّت والتَّصدي لمعونتهم، وذلك مِن الأمور المعتبرة.
          قال (ح): والَّذي يظهر لي أنَّهُ اختار لفظ الانتظار لكونه أعمَّ مِن المشاهدة فهو أكثر فائدة وأشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الانتظار ليفسِّر اللَّفظ الوارد بالمشاهدة به،(2) ولفظ الانتظار وقع في رواية معمر عند مسلم.وقد ذكر البُخاريُّ سندها ولم يسق(3) اللَّفظ هنا.
          قال (ع): في الجوابين نظر؛ لأنَّهُ لو عاضد أهل الميت وتصدَّى لمعونتهم ولم يصلِّ لا يستحق القيراط الموعود، ولا نسلِّم أنَ الانتظار أعمُّ في المشاهدة؛ لأنَّهُ ليس بين مفهوميهما عموم وخصوص.
          والصواب(4) الجواب الثَّالث: فإن (ح) قد ذكره، كما ترى ونراه ظنَّ أنَّ كتاب (ح) يفقد مِن الوجود، فلا يطَّلع أحد على ما يصنعه مِن أخذ كلامه وادِّعائه لنفسه، ثُمَّ يبرزه في قالب الاعتراض ما هذه الأعجوبة؟! وأعجب منها: أنَّهُ لا يزال ينكر على مَن يقول في التَّوفيق بين الحديث والترجمة إشارة إلى ما ورد في بعض طرقه، وقد أثبت ما نفاه، ولا يُقال: لعلَّه رجع، فإنَّهُ لم يزل على رأيه في الإنكار إلى أواخر الكتاب، وفي أثناء ذلك يثبت(5) ما ينكره وهو لا يشعر.


[1] في غير الأصل: ((حتى)).
[2] قوله: «به» ليس في (س).
[3] في (س): «يسبق».
[4] قوله: ((الصواب)) زيادة من (د).
[5] قوله: «يثبت» ليس في (س).