التلويح شرح الجامع الصحيح

باب: إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز

          ░16▒ وذكر البخاري في:بَابِ إِذَا تَصَدَّقَ، أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ، أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ
          حديث كَعْبِ بْنِ مَاْلِكٍ في تخلُّفه عن رسول الله صلعم: «إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ جلَّ وعزَّ، وَإِلَى رَسُولِهِ. قَالَ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» [خ¦2757].
          وذكر شيخنا العلامة القشيري في «شرح العمدة» أنَّه ورد في بعض الأخبار أنَّ النَّبيَّ صلعم قال له: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ ثُلُثَ مَاْلِكْ».
          قال ابن بطَّال: اتَّفق مالك، والشَّافعي، والكوفيُّون، وأكثر العلماء أنَّه يجوز للصَّحيح أن يتصدَّق بماله كلِّه في صحَّته، إلا أنَّهم استحبُّوا أن يُبقيَ لنفسه ما يعيش به؛ خوفًا من الحاجة، وما يُتَّقى من آفات الفقر؛ كقوله: «فَهُوَ خَيْرٌ لَكْ» فحضَّه صلعم على الأفضل. واستدلَّ البخاريُّ أنَّه لما جازت / الصَّدقة بالعقار وَوَقْفِ غلَّاتها للمساكين جاز ذلك في الرَّقيق، والدَّوابِّ؛ إذ المعنى واحد في انتفاع المساكين بغلَّاتها، وبقاء أصولها.
          قال الدَّاودي: مذهب مالك أنَّ من تصدَّق بجميع ماله يجوز له ذلك، إذا كانت له صناعة أو حِرفة يعود بها على نفسه وعياله، وإلا فلا ينبغي له ذلك.
          أنشد ابن عبدِ ربِّه في «العِقْد»:
اسْعَد بمالِكَ في الحياةِ فإنَّما                     يبقَى خِلافَك مُصلحٌ أو مُفْسِدٌ
فإذا جَمعتَ لمُفْسِدٍ لم تُغْنِه                     وأَخُو الصَّلَاحِ قَلِيْلُه يَتَزَيَّدُ