تعليقة على صحيح البخاري

باب: لا صفر

          ░25▒ (بَابٌ: لَا صَفَرَ؛ وَهْوَ(1) دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ).
          قوله ◙: [(وَلَا هَامَةَ): طائر كانوا] يتشاءمون به، وهي من طير اللَّيل، وقيل: البومة، وكانت العرب تزعم أنَّ روح القتيل الذي لا يدرك ثأره يصير هامة، فيقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك ثأره؛ طارت، وكذا كانوا يزعمون أنَّ عظام الميِّت _وقيل: روحه_ تصير هامة فتطير، ويسمُّونه: الصَّدى، فيُرفرف عند قبره، و(الصَّفَر): حيَّة تكون في البَّطن تصيب الماشية والنَّاس، وهي أعدى من الجرب عند العرب.
          قوله: (لَا صَفَرَ): إبطال لما كان أهل الجاهليَّة يفعلونه من تأخير المحرَّم إلى صفر في التَّحريم، وكان الجاهليَّة يقولون: إنَّ الصِّفار التي في الجوف تقتل صاحبها، فردَّ ذلك رسول الله صلعم وقال: «لا يموت أحد إلَّا بأجله».
          و(العدوى): قال حسَّان: عدوى الجذام والطَّاعون، فإنَّ المجذوم تشتدُّ رائحته حتَّى يسقم من أطال مجلسه معه ومؤاكلته، ألا تراه يعدو لامرأته بطول مضاجعتها له، وربَّما يسرع أولاده في الكبر إليه، وكذا من كان به سلٌّ، والأطباء يأمرون ألَّا يجالس المسلول ولا المجذوم، ولا [يريدون] بذلك: معنى العدوى، وإنَّما يريدون بذلك: تغيير الرَّائحة، وأنَّها تسقم من أطال اشتمامها(2) ، ألا ترى الجرب الرَّطب يكون بالبعير إذا خالط الإبل وحاكها وأوى في مباركها؛ وصل إليها بالماء الذي يسيل منه نحوًا(3) ممَّا به، فلهذا المعنى نهى الشَّارع ألَّا يورد ممرض على مصحٍّ؛ كراهية أن يخالط ذو العاهة الصَّحيح.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (هو).
[2] في (أ): (سقامها).
[3] في (أ): (نحو).