الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم

          ░12▒ (باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم) إنما ذكر الثواب والعقاب إشارة إلى أن الصحيح في الجن أن المطيع منهم يثاب كما أن العاصي منهم يعاقب وقد جرى بين الإمامين أبي حنيفة ومالك ☻ في المسجد الحرام مناظرة فيه، فقال أبو حنيفة : ثوابهم السلامة من العذاب متمسكاً بقول الله تعالى : / {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف:31]، وقال مالك: لهم الكرامة بالجنة وحكم الثقلين واحد. قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] وقال تعالى : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن:56] واستدل البخاري عليه بقول الله تعالى : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} الآية [الأنعام:130] فإن قلت كيف وجه دلالتها؟ قلت أما على العقاب فقوله تعالى: {وَيُنْذِرُونَكُمْ} [الأنعام:130] وأما على الثواب فقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام:132] وقال تعالى {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن:13] والبخس النقص من الثواب وغيره. وقال مجاهد في تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات:158] إن كفَّار قريش قالوا الملائكة بنات الله وأمهات الملائكة هنَّ بنات سَروات الجن أي ساداتهم وقال تعالى: {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس:75] وهذا في آخر سورة يس ولا تعلق له بالجنِّ لكن ذكره لمناسبة الإحضار للحساب ويحتمل أن يُقال لفظ آلهة في الآية متناول للجنِّ لأنهم أيضاً أخذوهم معابيد والله أعلم.