الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

          ░8▒ (باب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ) قال أهل السنة والجماعة: الجنة والنار مخلوقتان اليوم، والمعتزلة: يخلقان يوم القيامة.
          قوله: {مُطَهَّرَةٌ} أي فيما قال الله سبحانه وتعالى في صفة أهل الجنة: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [النساء:57]، فإن قلتَ: من أين استفاد التكرار حتى قال ثم أتوا بآخر، قلتُ: من لفظ كلما. فإن قلتَ: كيف فسَّر القطوف بـ (يقطفون) قلتُ: جعل قطوفها دانيةً جملة حالية وأخذ لازمها، وقال الحسن البصري: قوله تعالى {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان:11] النضرة في الوجه والسرور في القلب، وقال تعالى {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات:47] والغول وجع البطن، والنزف ذهاب العقل، وقال تعالى {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا. وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ:33-34] والكاعبة الناهدة والدِّهاق الممتلئ، وقال {رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين:25-26] والختام هو الطين الذي يختم به، وقال {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين:27] أي شيء يعلو شَرابَهُم، الجوهري: اسم ماء في الجنة سمي بذلك لأنهُ جرى فوق الغُرف والقصور، وقال تعالى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن:66] أي فياضتان فوارتان، ومدهامتان أي سوداوان من الرِّي، وقال {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة:15] أي منسوجة بالجواهر، ومنه وضين الناقة وهو كالحزام للسرج، وقال {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الواقعة:18] جمع الكوب والإبريق، وقال {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:36-37] وعرباً مثقلة أي مضمومة الراء واحدها عروب وهي المحببة إلى الزوج الحسنة الشغل وقرئ {عُرْباً} [الواقعة:37] بسكون الراء أيضاً، و(الْعَرِبَةَ) بكسر الراء، و(الْغَنِجَةَ) بفتح المعجمة وكسر النون وبالجيم، و(الشَّكِلَةَ) بفتح الشين وكسر الكاف، وقال تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ. وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ. وَظِلٍّ مَمْدُودٍ. وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ. وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ. وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة:28- 34]، والطلح المنضود: هو شجر الموز، وعن السديِّ: هو شجر يشبه طلح الدنيا لكن له ثمر أحلى من العسل، والمسكوب الجاري الذي لا ينقطع جريانه وقيل الجاري في غير الأخدود، وقال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} [الواقعة:25] واللغو الباطل والتأثيم الكذب، وقال تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن:48] أي أغصان.