الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب صفة الشمس والقمر

          ░4▒ (باب صفة الشمس والقمر)
          قوله: (كَحُسْبَانِ الرَّحَى) أراد أنهما يجريان على حسب الحركة الرحوية الدورية وعلى وضعها و(لاَ يَعْدُوَانِهَا) لا يتجاوزانها و(الجَمَاعَةُ) أي الجمع الاصطلاحي و(ضُحَاهَا) أي الذي في قوله تعالى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس:1] هو ضوؤها، وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس:40] أي يتطالبان حثيثين، وقال تعالى: {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف:54] أي سريعاً، وقال تعالى {نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس:37] أي نخرج النهار من الليل، ولما كان حكم العكس أيضاً كذلك عمم البخاري وقال بلفظ أحدهما، وقال تعالى: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ. وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة:16-17] والوهي التشقق، والرجا مقصوراً ناحية البيت والرجوان حافتا البئر والحافة بتخفيف الفاء الجانب وحافتا البئر جانباه، وقال تعالى: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} [النازعات:29] وقال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} [الأنعام:76] وهما جاءا متعديين ولازمين وكذلك أظلم، وقال الحسن: كورت في قوله تعالى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:1] يعني تكور، أي تلف حتى يذهب ضوؤها، وقال تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ. وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق:17-18] أي استوى، وقال تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان:61] فإن قلتَ: كيف فسَّر البروج بالمنازل وهي اثنا عشر الحمل والثور إلى آخره والمنازل ثمانية وعشرون وهم الشرطين والبطين إلى آخره ؟ قلت: كل برج عبارة عن المنزلين وشيء منها فهي بعينها وأراد بالمنازل معناها اللغوي لا التي عليها اصطلاح أهل التنجيم، وقال تعالى {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر:21] وقال تعالى: {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُوم} [الطور:27] و(رُؤْبَةُ) بضم الراء وسكون الهمزة وبالموحدة ابن العجاج بفتح المهملة وشدة الجيم الأولى، السعدي، يقال أشعر الناس العجاجان رؤبة وأبوه، وقال تعالى {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} [الحج:61] أي يكور، وقال تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} [التوبة:16] وهي عبارة عن كل شيء أدخلته في شيء. واعلم أن هذه اللغات وتفاسيرها لم توجد في بعض النسخ.