الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب صفة النار وأنها مخلوقة

          ░10▒ (باب صِفَةِ النَّارِ)
          قوله: (غَسَاقاً) أي في قوله: تعالى {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ:25] الجوهري: غسقت عينه إذا أظلمت وغسق الجرح إذا سال منه ماء أصفر والغساق الماء البارد المنتن يخفف ويشدد، قرأ أبو عمرو(إلا حميماً وغساقاً) بالتخفيف والكسائي بالتشديد، وقال تعالى: {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة:36] (فَهُوَ) أي الخارج، و(الدَّبَرِ) بالمفتوحتين الجراحة. وقال تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:98] أي الحطب باللغة الحبشية، وقال {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر:34] أي الريح العاصفة الشديدة التي تثير الحصباء و(هُمْ حَصَبُهَا) أي هم ومعبودهم حصب جهنم و قال {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم:16] أي قيح ودم وقال {كُلَّمَا خَبَتْ} [الإسراء:97] أي طفئت وقال{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} [الواقعة:71] أي تستخرجون والإيراء الإيقاد، وقد قال تعالى : {تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة:73] أي للمسافرين و(الْقِيُّ) بكسر القاف وشدة التحتانية القفر أي المفازة التي لا نبات فيها، وقال: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات:23] وقال {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} [الصافات:67] أي مخلوطاً والشوب خلط الشيء بعضه ببعض ومنه المشواط، وقال: {فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود:106] الجوهري: الزفير أول صوت الحمار والشهيق آخره لأن الزفير إدخال النفس والشهيق إخراجه، قال : {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم:86] أي عطاشاً الذين يردون الماء وقال {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59] أي خسراناً وقال {ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر:72] أي توقد فيهم النار وقال {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن:35] أي صفر يصب على رؤوسهم وقال {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران:181] وغرضه أن الذوق بمعنى المباشرة / والتجربة لا بمعنى ذوق الفم، وقد يقال في لغة العرب: ذوقوا بمعنى باشروا وجربوا، وقال تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن:15] أي خالص، و(خَلاَّهُمْ) أي ترك الأميرُ رعيته يظلم بعضهم بعضاً وقال تعالى: {فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5] أي ملتبس مختلط، الجوهري: مرَج الدابة بفتح الراء أرسلها ومرج البحرين خلَّاهما ومرِج بالكسر: اختلط وفسد، أقول: فمرَج الأمير بالفتح، ومرِج أمر الناس بالكسر، واعْلَم أن النَّسفي لم يرو هذه اللغات ولم يوجد في نسختِه شيء من ذلك وأمثال هذه مما سمعها الفربري عن البخاري عند سماع الكتاب فألحقها هو به والأولى بوضع هذا «الجامع» فقدانها لا وجدانها إذ موضوعه رسول الله صلعم من جهة أقوله، وأفعاله، وأحواله، فينبغي أن لا يتجاوز البحث فيه عن ذلك.