مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الشين مع الهاء

          الشِّين مع الهَاء
          2181- قوله: «وأُرسِلَتْ عَليهِم الشُّهُبُ» [خ¦773] الشِّهابُ الكَوكبُ الذي يُرمَى به، و«شهابُ النَّار» كلُّ عودٍ أُشعِلت في طرَفِه النَّار، وهو القبس والجذوة، وقوله: {بِشِهَابِ قَبَسٍ}(1) [النمل:7] من باب إضافة الشيء إلى نَفسِه في قِراءَة من أضافَ
          2182- قوله: «كُنتُ لهُ شَهيداً أَو شَفِيعاً»، كذا جاء، وقيل: هو على الشَّكِّ، وهو عندي بعيدٌ؛ لأنَّ هذا اللَّفظَ رواه نحوٌ من عشرة من أصحابِ النَّبيِّ صلعم، فالأشبَه أنَّه على التَّقسيم، فيكون شَهِيداً لبعضهم، شَفِيعاً لبعضهم، إما شهيداً لمن مات في حيَاتِه كما قال: «أمَّا هؤُلاءِ فأنا عَلَيهم شَهِيدٌ» [خ¦1343]، وشفيعاً لمن مات بعدَه، وإمَّا أن يكون شَهِيداً على المُطيعِين شَفِيعاً للعاصِين، وشَهادَته لهم بأنَّهم ماتُوا على الإسلامِ، ووفُّوا بما عاهَدُوا الله عليه، أو تكون «أو» بمعنى «الواو»، فتختَص أهل المدينةِ لمجموع الشَّهادةِ والشَّفاعة، ويكون لغَيرِها الشَّفاعة وحدَها، وقد جاء في حَديثٍ: «كُنتُ لهُم شَهيداً وشَفِيعاً».
          وقوله: «اللعَّانُونَ لا يكونُونَ شُفَعَاءَ ولا شُهَدَاءَ يَومَ القِيامَةِ»؛ أي: لا يشهَدُون مع النَّبيِّ صلعم يوم القيامة على الأُمَّة الخالِيَة ولا يشفَعُون مُعاقبَة لهم بلَعنِهم، وقد قيل هذا في معنى الشَّهيدِ المَقتُول، أو تكون شهادتهم هنا أن يروا أو يشاهِدُوا ما لهم من الخير والمَنازلِ حين مَوتِهم، وقيل: هذا أيضاً في معنى تَسمِية الشَّهيد، وقيل: لأنَّ الله ومَلائكته شهِدُوا له بالجنَّة، وقيل: لأنَّه شاهَد ما له؛ لأنَّه حيٌّ.
          وقوله: «الشُّهدَاءُ سَبعَةٌ: المبْطُونُ شَهيدٌ» [خ¦5733] قيل: سُمُّوا شهداء؛ لأنَّهم أحيَاء، قال ابنُ شُميلٍ: الشَّهيدُ الحيُّ، كأنَّه تأوَّل: {أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ} [آل عمران:169]؛ أي: أحضرت أرواحهم دار السَّلام من حين قتلهم وموتهم، وغيرهم لا يحضرها إلَّا يوم دخُولها، كما جاء في أرواح الشُّهداء فيكون بمعنى شاهد، وقيل: سمي بذلك لأنَّه شُهد له بالإيمان، وحُسنِ الخاتمةِ، بظَاهرِ حاله، فيكون بمعنى مَشهُود له، وقيل: لأنَّ الملائكةَ شهِدَته، وقيل: لأنَّه شُهِد له بوجُوبِ الجنَّة، وقيل: / من أجل شاهِدِه على قَتلِه؛ وهو دمُه، لأنَّه يجيء وجرحه يَـثْــعُبُ دَماً.
          وقول أبي هريرَةَ ☺ ثلاثاً: «أشهدُ بالله أنَّي أشهد بالله: أنَّ رسولَ الله صلعم قالها ثَلاثاً» [خ¦7227]؛ أي: أحلِفُ.
          و«الشَّهيدُ» من أسماء الله تعالى؛ لأنَّ العبادَ يشهَدُونه؛ أي: يعرِفُونه، فهو بمعنى مَشهُود، وقيل: هو بمعنَى المبيِّن للدَّلائل والحججِ، ومِثلُه: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} [آل عمران:18]؛ أي: بيَّن، قاله ثعلبٌ، ومنه سُمِّي الشَّاهد؛ لأنَّه يبيِّن الحكم، ومِثلُه: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب:45] قيل: مُبيِّناً، وقيل: شاهداً على أمَّتك بالتَّبليغِ إليهم، وقيل: الشَّهيدُ في وَصفِه هو الَّذي لا يغِيبُ عنه شيءٌ، وقيل: الشَّاهد للمَظلومِ الَّذي لا شاهدَ له، والنَّاصِر لمن لا ناصر له.
          وقوله: «يَشهَدُ إِذَا غِبنَا»؛ أي: يحضر.
          وقوله: «حتَّى يَطلُعَ الشَّاهِدُ» هو «النَّجمُ»، كذا في الحديثِ، وبه سُمِّيت صلاة الشَّاهد، وقيل: لأنَّها لا تقصر، فهي كصَلاةِ شاهد المصرِ.
          قوله: «يَشهَدُونَ ولا يُستَشهَدُونَ» [خ¦3650] قيل: بالبَاطلِ الذي لم يشهدوا عليه ولا كان، وقيل: يحلفون كذباً ولا يُستَحلفون، كما قال في الرِّواية الأُخرَى: «تَسبِقُ شَهادَةُ أَحدِهِم يَمينَهُ، ويَمينُهُ شَهادَتهُ» [خ¦2652]، واليمِينُ تُسمَّى شَهادَة، ومنه: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور:6].
          وقوله: «كَانُوا يَنهُونَنا عن الشَّهادَةِ والعَهدِ» [خ¦2652] قيل: هو أن يحلِفَ بعَهدِ الله، أو يقول في يَمينِه أشهَد بالله، وفي حديثٍ آخرَ: «نهينا أَن نَحلِفَ بالشَّهادَةِ والعَهدِ» [خ¦6658]، وقيل: هو أن يحلِفَ إذا شهد أو عاهَد، وعلى هذا تكون الباء بمعنى مع أو «في»(2).
          قوله: «شَاهِدَاكَ أو يَمنُه» [خ¦2670]، كذا الرِّوايةُ، ارتَفَع «شاهداك» بفِعْلٍ مُضمَرٍ، قال سِيبُويه: معناه ما قال شاهداك.
          2183- قوله: «إنَّما الشَّهرُ تِسعٌ وعِشرونَ» الشَّهرُ هنا الهِلال لاشتهاره؛ أي: إنَّما فائدة ارتقابه(3) ليلة تسع وعشرين ليعرف نقص الشَّهر قبله لا في كماله، ولذلك جاء بإنَّما، ومنه قول الشَّاعرِ(4) :
................                     والشَّهر مثل قلامة الظفر
          2184- قوله: «شَواهِق الجِبالِ» [خ¦6982] طوالها، الواحدُ شاهقٌ.


[1] على قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر، وقرأ الباقون: {بِشِهَابٍ قَبَسٍ}. انظر: حجة القراءات لابن زنجلة: 1/522، والنشر: 2/376.
[2] العبارة في المشارق: هو أن يحلِفَ إذا شهِدَ وإذا عاهَد، فإذا كان هذا فتكون الواو بمعنى مع، أو تكون الباء بمعنى في؛ أي: في الشَّهادة والعَهدِ.
[3] في (ن): (ارتفاعه).
[4] عجز بيت صدره:
~أبْدَانَ مِنْ نَجْدٍ على ثَقِةٍ                     ................