مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الشين و الفاء

          الشِّين و الفَاء
          2169- «فأَخذْتُ الشَّفرَةَ» هو السِّكين نفسُها، وشَفرَةُ السَّيفِ حدُّه، و«شَفِيرُ جَهنَّمَ» [خ¦7028] حرفُها، و«شُفر العين» مَضمُوم الشِّين حرف الجفن حيث ينبُت الهدبُ، ويقال: بفَتحِ الشِّين.
          وقوله: «وشَفَعهَا بهاتَين السَّجدتَينِ» مخفَّف، صيَّرها شَفعاً بعد أن كانت فَرداً ووِتراً.
          2170- و«الشَّفْع» الزَّوجُ، واختُلِف في قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:3]، فقيل: الوَترُ الله، والشَّفعُ جميعُ خَلقِه، وقيل الوَترُ يوم عرفَةَ، والشَّفعُ يوم النَّحرِ، وقيل الوَترُ آدَم وشُفِع بحَواءَ، وقيل:هما الأعدادُ، الوَترُ مُبدَأه وأصلُه، والشَّفعُ ما زاد عليه.
          و«الشُّفْعَةُ» مأخوذة من الزِّيادة؛ لأنَّه يَضمُّ ما شُفِّع فيه إلى نَصيبِه، هذا قول ثَعلبٍ.
          و«الشَّفَاعَة» [خ¦335] الرَّغبةُ، وهي من هذا؛ لزِيادَتِه في الرَّغبة والكَلامِ، وشَفعِ أوَّل كَلامِه بآخِرِه.
          وقوله: «لَعلَّهُ تَنفَعُهُ شَفَاعَتِي» [خ¦3885] قد أُعلِم أنَّ أهلَ الكُفرِ لا تنفعُهم شفاعةُ الشَّافعِين، ونُهِي عن الاستغفارِ له ولمِثلِه، ولكنَّه رَجَا له أن تناله برَكته، ويُخفَّفَ عنه بسَببِ ما كان منه إليه من الحمايةِ والعَونِ، حتَّى يُبلِّغ الرِّسالة فيخفف من عَذابِه، فتكون الشَّفاعةُ بالحالِ لا بالمَقالِ.
          وقوله: «اشفَعُوا تُؤجَرُوا» [خ¦1432] يحتَمِل في حوائجِ الدُّنيا، ويحتَمِل في المُذنبِين، وذلك / فيما عدا الحدُودِ، والأوَّلُ أظهَر.
          2171- قوله: «إلَّا يَشِفُّ فَإِنَّهُ يَصِفُ» بفتح الياء وشدِّ الفاء وكسر الشِّين، ومعناه: إن لم يُبدِ ما وراءَه من الجِسمِ ويُظهِرْه لصفاقَتِه(1) مع رِقتِه فإنَّه يصِفُ ما وراءَه للصُوقِه به حتَّى يبدو حجم الجسمِ وتتبيَّن الأعضاء، والشِّفُّ: الثَّوبُ الرَّقيقُ المُهلهَل النَّسج، الذي يبدو معه لون ما وراءه، وكذلك كلُّ جسم يظهَر من أمامه ما وراءه فهو شفَّاف كالزُّجاج وغيرِه.
          قوله: «لا تُشِفُّوا بَعضَهَا عَلى بَعضٍ» [خ¦2177] بضمِّ التَّاء؛ أي: لا تزِيدُوا وتفضِّلُوا، والشِّفُّ بالكَسرِ الزِّيادةُ والنُّقصان، وهو من الأضدادِ، والشَّفَّ بالفتحِ اسمٌ من ذلك، يقال: شفَّ الشَّيء على الشَّيءِ شفَّاً. وقوله: «وإذَا شَرِبَ اشْتَفَّ» [خ¦5189]؛ أي: استَقصَى ولم يُبق شيئاً، والشَّفافةُ بقِيَّة الماء في قعر الإناء، فاشتفَّ شرِبَ تلك الشَّفافة.
          2172- و«الشَّفَقُ» الحمرةُ في الأفُق الغربي من بقايا شُعاعِ الشَّمس، هذا قول أكثر أهلِ اللُّغةِ وفُقهَاء الحجاز، وقيل: هو البياض بعد الحُمرةِ، وهذا قول أهلِ العراقِ، وحُكِي مثلُه عن مالكٍ أيضاً، والأوَّل المَشهورُ من قَولِه، وقال بعضُ أهلِ اللُّغةِ: الشَّفقُ ينطَلِق عليهما جميعاً، وقال بعضُهم: الشَّفقُ الحمرَةُ غير القانِيَة، والشَّفقُ أيضاً البياضُ غير النَّاصِع، فالاسمُ يتَناوَلُهما، فبقي الخلافُ في الحُكمِ بماذا يتعلَّق منهما هل بالأوَّل أو بالثَّاني.
          2173- قوله: «فإنْ كان الطَّعامُ مَشْفُوهاً» يعني: كثيرَ الآكلِين، وكذلك الماءُ المَشفُوه إذا كثُر شاربُوه، كأنَّه من كَثرةِ الشِّفاهِ، ومنه: بئرُ شُفِه؛ أي: بئرُ شربٍ، وقيل مَشفُوه محبُوب.
          و«تُشَافِهَنِي بِالأَمْرِ» تخبرني به من بين شفَتَيها فأسمَعُه من فيها، والمُشافَهة بين الخَلقِ الكَلامُ من غير واسِطَة.
          «وشَفةِ الرَّكِيِّ» [خ¦3976] حاشِيَتُها وجانبُ فمِها، وهي البئرُ، استَعار لها شَفةً، وقيَّده بعضُهم: «حتَّى قَامَ على شِقَّةِ(2) الرَّكِيِّ» يريد إحدى جانِبَيها، والأوَّلُ أشهَر وأصوَب.
          2174- قوله: «مَا شَفَيتَنِي» [خ¦3861]؛ أي: ما بلَغتَ مُرادِي في شَرحِ الأمر وبيَانِه، ولا أزَلْت ما بي من شغل بالي، والشِّفاءُ الرَّاحةُ، والشِّفاءُ أيضاً الدَّواءُ الدَّافع للدَّاء.
          وقوله: «الله يَشفِيكَ»، / و«اللهمَّ اشْفِ» [خ¦5675]؛ أي: اكشف المرضَ وأرِحْ منه، يقال: شفَى الله المريضَ ثُلاثي، وأشفَيتُه طلَبتُ له شِفَاء.
          وقوله: «فَشَفَى واّْشْتَفَى»؛ أي: شفَى قلوبَ المُؤمنِين، واشتَفَى هو مما في نَفسِه، وقوله: «أَشْفَيتَ مِنهُ عَلى المَوتِ» [خ¦3936]؛ أي: أشرَفت، ولايقال: أشفَى إلَّا في الشَّرِّ، قوله: «إذا أشفَى وَرِع»(3).


[1] في (ن): (لصفائه مع).
[2] تحرف في الأصول إلى (شفة).
[3] كذا في الأصول، وفي «المشارق»: (وقوله: «إذا أَشفَى وَرِع» وقَع هذا الحديثُ عن عمرَ في «مُوطَّأ» ابنِ بُكيرٍ، وليس عند يحيَى، ومعناه: إذا أشرَف على ما يأخذُه كفَّ أو على مَعصِية ورع؛ أي: تورَّع عنها وكفَّ).