مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الشين مع الطاء

          الشِّين مع الطَّاء
          2138- «كَمَسَلِّ شَطبَةٍ» [خ¦5189] هو ما شُطِب من جريدِ النَّخلِ وهو سَعَفُه، تريد أنَّه ضرب اللَّحم رقيق الخصر، شبَّهته بالشَّطبةِ، وهو ما شُقَّ من جريد النَّخلِ، وصُيِّر قُضبَاناً رِقاقاً تُنسَج منه الحصر، وقال ابنُ الأعرابيِّ: أرادَت سيفاً سُلَّ من غمده شبَّهته به، والمُشطَّب من السُّيوفِ ما فيه طرُق، وسيُوف اليمن كذلك، وقال ابنُ حَبيبٍ: الشَّطبة عودٌ مُحدَّد كالمِسَلَّةِ.
          2139- قوله: «شَطر وَسْقٍ من شَعيرٍ».
          و«شَطرُ شَعيرٍ» [خ¦3097]؛ أي: نصف وَسق شَعِير، ثمَّ حذف الوسق(1)، كما قال في الأول، وكذلك الشَّطر والشَّطير، مثل نِصف ونَصِيف، كيف تصرَّفا، إنَّما هو النِّصف إلَّا ما كان من شطر البيت فهو ناحِيَةُ البيتِ والمَسجِد الحرام، و«شَطر كَلمَة» نِصفُ كلمةٍ.
          و«الطُّهورُ شَطرُ الإيمانِ» نِصفُه؛ لأنَّه يكَفِّر ما قبلَه من الذُّنوب إذا قارَبه الإيمان، والإيمانُ بمُجرَّده يكفِّر ما قبلَه، فصار منه على الشَّطر، وقيل: ثوابُ الطَّهورِ يبلُغ بتَضعِيفه إلى نصفِ أجرِ الإيمانِ من غير تَضعيفٍ، وقيل: لأنَّ الإيمانَ يُطهِّر الباطنَ من الكُفرِ الذي هو نجسٌ، والطَّهورُ يُطهِّر الظَّاهرَ من الأنجاسِ، وقيل: لا إيمانَ لمن لا صلاةَ له، ولا صلاةَ لمن لا إيمانَ له، كما لا صَلاة لمن لا طَهارَة له، فانتَفَت الصَّلاة بانتِفَائهما، وثبتَت بوجُودِهما، وثبَت الإيمانُ بالصَّلاةِ وانتفَى بانتِفَائها، وثبَتت بوجُودِها، وثبَت الإيمانُ بالصَّلاة، وانتفى بانتفائها(2)، ومن شَرطِ وجُودِها الطَّهورُ، فكان كالنِّصفِ من الإيمانِ، وهذا على القَولِ بتَكفيرِ تاركِ الصَّلاة مع اعتِقَاد وجُوبِها، وقيل: الصَّلاةُ إيمانٌ؛ لقَولِه: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143]، ولا يكون إيماناً إلَّا بمضامَّة الطَّهارة لها، فصارَت الطَّهارَة كالنِّصف منها، فالطُّهورُ نِصفُ الإيمانِ على هذا الاعتبار.
          وقولهم: حلَبَ الدَّهرَ أشطُرَه؛ أي: أمورَه؛ أخذ من شطُورِ النَّاقةِ، وهي أخلافُها، ولها أربعَة أخلافٍ، فالحالبُ يحلبُ أحد الأخلافِ ثمَّ يعُودُ / إلى الثَّاني، والشَّطرُ حلمةُ ضرعِ النَّاقةِ، حيث يضَع الحالبُ أصابعَه عند الحلبِ.
          2140- قوله: «شَطُّ النَّهرِ» [خ¦7047] ناحيتُه وضفَّته، و«شَطُّ البَحرِ» ساحِلُه، وقوله: «لا وَكْسَ ولا شَططَ»؛ أي: لا بَخْس ولا زِيَادة ومُجاوَزة القَدرِ، والشَّططُ مُجاوَزةُ القَدرِ، ومنه: شطَّت الدَّار بعُدَت، وشَطَّ: جَارَ؛ أي: بعُدَ عن الحقِّ، ويقال أيضاً: أشَطَّ.
          2141- قوله: «مَربُوطَةٌ بِشَطَنَينِ» [خ¦5011]؛ أي: بـحَبْلَين طوِيلَين المُضطَرِبَين، والشَّطنُ البُعدُ، ومنه: الشَّيطانُ لبُعدِه عن الخيرِ وامتِدادِ شَرِّه واضْطِرَابه.
          «فَليُقَاتِلهُ فإنَّما هُو شَيطانٌ» [خ¦509]؛ أي: إنَّما يحمِلُه على ذلك الشَّيطانُ، أو يفعَل فعل الشَّيطانِ في الحَيلُولةِ بينه وبين القِبلَةِ، وقيل: هو على ظاهِرِه، وأنَّه الشَّيطانُ نفسُه، وهو قرينُ المارِّ، كما قد جاء: «فَإنَّ مَعهُ القَرِين».
          وقوله: «وكأنَّ نَخلَهَا رُؤُوسُ الشَّياطِينِ» هو نبتٌ مَعرُوف عِندَهم، وقيل: بل هو مثَل لما يُستَقبَح ويُستَشنَع، وكلُّ مُستَقبَح في صُورةٍ أو عَملٍ يُشبَّه بالشَّيطانِ.
          قوله: «الشَّيطانُ يَجرِي مِن ابنِ آدَمَ مَجرَى الدَّمِ» [خ¦2039] قيل: هو على ظاهِرِه، وقيل: بل هو مثلٌ لتسلُّطه وغلَبَته لا أنَّه يتخلَّل جِسمَه.


[1] في هامش (س) نقلاً من خطِّ ابن الصَّلاح: (لا حذف فيه، فالشَّطر اسم لمكيال يسع نصف وسق، ومع هذا لا يتَّجه ما ذكره بل يصلح ما ذكره شيئاً للتَّسمية، والله أعلم).
[2] قوله: (وانتفى بانتفائها) ليس في (س)، وكتب فوق (الأولى): (لا) وفوق (بالصلاة): (إلى).