غاية التوضيح

باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون

          ░11▒ (بَابُ الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ)
          أي: الإكراه، و(الْكُرْهِ) عطفٌ على (الطَّلاقِ) لا على (الإغلاقِ)؛ كذا في «الكرمانيِّ»، و(الْمُوَسْوِسِ) بكسر الواوِ الثَّانية من الوسوسة؛ وهي حديثُ النَّفسِ.
          قولُهُ: (لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ) بالزِّنى، و(بَقَرَ) أي: شقَّ، و(شَارِفَيَّ) بفتح الفاء تثنيةُ شارفٍ: المُسِنَّةُ من النُّوقِ، و(ثَمِلَ) بالكسر؛ أي: سَكِرَ، وسبق في (غزوة بدرٍ) وفي كتاب «الشُّرب» في (باب بيع الحنطة والكلأ).
          قولُهُ: (إِذَا بَدَأَ بِالطَّلَاقِ) أي: إن قدَّمَ الطَّلاقَ على الشَّرط، فإن قال: أنتِ طالقٌ إنْ دخلتِ الدَّارَ؛ فالشَّرطُ صحيحٌ كما لو أخَّر عنِ الشَّرط.
          قولُهُ: (أَلْبَتَّةَ) نصبٌ على المصدر؛ أي: طلاقًا بائنًا؛ يعني: قال نافعٌ لابنِ عمرَ: إذا طلَّقَ رجلٌ امرأتَهُ طلاقًا بائنًا إن خرجتْ من الدَّار فما حكمُهُ؟ فقال ابنُ عمرَ: إن خرجتْ منها؛ فقد بُتَّتْ(1)؛ أيِ: انقطعتْ عنِ الزَّوج، فلا رجعةَ له فيها.
          قولُهُ: (فِي دِينِهِ) أي: بدينٍ فيما بينه وبين الله تعالى.
          قولُهُ: (نِيَّتُهُ) أي: تُعتَبَرُ نيَّتُهُ، فإن نوى الطَّلاقَ؛ طُلِّقتْ، وإلَّا فلا، و(يَغْشَاهَا) أي: يُجامعُها في كلِّ طهرٍ مرَّةً لا مرَّتين(2)؛ لاحتمال أنَّه بالجماع الأوَّل صارتْ حاملًا، فطُلِّقتْ به، و(اسْتَبَانَ) أي: ظهر.
          قولُهُ: (عَنْ وَطَرٍ) أي: حاجةٍ؛ يعني: لا ينبغي للرَّجل أن يُطلِّقَ امرأتَهُ إلَّا عند الحاجة كالنُّشوز؛ بخلاف العتاق فإنَّه مطلوبٌ دائمًا.
          قولُهُ: (أَلَمْ تَعْلَمْ) عنِ ابن عبَّاسٍ أنَّ عمرَ أُتِيَ بمجنونةٍ قد زنَتْ وهي حبلى، فأراد أن يرجمَها، فقال له عليٌّ ☺: ألمْ تعلمْ أنَّ القلمَ(3)... إلخ و(حتَّى يُدْرِكَ) يبلغ، و(جَائِزٌ) أي: واقعٌ، و(الْمَعْتُوهِ) النَّاقصِ العقلِ، وفي «القسطلانيِّ»: وفي مسألة السَّكرانِ خلافٌ بين التَّابعين ومن بعدَهم؛ فقال الأكثرُ بوقوعِ الطَّلاقِ تغليظًا عليه، وعلى هذا اتَّفق فتاوى مشايخ المذهبين من الشَّافعيَّة والحنفيَّة بوقوعِ طلاقِ من غابَ عقلُهُ بأكل الحشيش، وهو المُسمَّى بورق القنب؛ لفتواهم بحرمتِهِ بعد أنِ اختلفوا فيها، فأفتى المزنيُّ بحرمتها، وأفتى أسدُ بن عمرٍو بحِلِّها؛ لأنَّ المتقدِّمين لم يتكلَّموا فيها بشيءٍ؛ لعدمِ ظهور شأنِها فيهم، فلمَّا ظهر من أمرِها من الفساد كثيرٌ وفشا؛ عاد مشايخُ(4) المذهبين إلى حرمتِها، وأفتَوا بوقوعِ الطَّلاقِ ممَّن زال عقلُهُ بها إذا استعملَها مُختارًا، أمَّا إذا أُكرِهَ على شربِ مسكورٍ ولم يعلمْ أنَّه مُسكِرٌ؛ فلا يقعُ طلاقُهُ انتهى


[1] في الأصل: (نبت)، وهو تصحيفٌ.
[2] في الأصل: (طهرةٍ مرَّةً لامرأتين)، وهو تحريفٌ.
[3] في الأصل: (العلم)، وهو تحريفٌ.
[4] في الأصل: (كثيرًا وفشاعًا ومشايخ)، وهو تحريفٌ.