انتقاض الاعتراض

باب الاستلقاء في المسجد

          ░85▒ (باب الاستلقاء في المسجد)
          أخذ (ع) جميع ما ذكره (ح) مِن شرح وفائدة وتنكيت وتنبيه كما هو فادَّعاه، حتَّى قال في قول الخطابي: النَّهي عن ذلك منسوخ.
          قلت: النهي هو ما روى جابر، فذكر الحديث ثُمَّ قال في أثناء ذلك: منسوخ(1) قال بعضهم: يُحمل النَّهي حيث يُخشى أن تبدو العورة أولى مِن ادَّعاه(2) النسخ بالاحتمال، وإنَّمَا جزم به فكيف يدَّعي الأولوية بالاحتمال، انتهى.
          ودعوى الأولوية بالاحتمال لا حَرج فيها(3)، والنَّسخ لا يثبت إلَّا بمعرفة التَّاريخ أو تنصيص الشَّارع وما يلحق بذلك، والَّذي ادَّعى النَّسخ لم يذكر له مستندًا، أي: فإن كان مِن عند مَن جزم به مستندًا فليذكره(4) وإلَّا فلا يقبل.
          ثُمَّ قال: وقال بعضهم: قوله: «وعن ابن شهاب» معطوف على الإسناد الأول(5) فقد صرح بذلك أبو داود في روايته عن القَعْنَبي وهو كذلك في «الموطأ»، وغفل مَن زعم أنَّهُ معلَّق.
          قال (ع): يريد / به(6) الكِرْمَانيَّ، ما جزم به بأنَّهُ معلق؛ بل قال: يحتمل، وتصريح أبي داود بذلك لا يدلُّ على(7) أنَّ هذا داخل في الإسناد المذكور ههنا قطعًا، انتهى.
          وتسليمه التَّصريح بذلك، ثُمَّ دعواه عدم الدلالة مِن الأعاجيب، فإذا أورد البُخاريُّ شيئًا محتملًا ووجدنا أبا داود قد رواه عَن شيخه بالسَّند بعينه(8) أليس يكفي ذلك في ترجيح أحد الْمُحْتَمَلَيْن حتى يصير الاحتمال المرجوح كالعدم؟! والعجب أنَّهُ بعد قليلٍ قال في باب مواقيت الصلاة حيث نقل عن الكِرْمَانيِّ أنَّهُ قال في قوله: قال عروة: ولقد حدثتني إلى(9) عائشة أنَّ(10) هذا مقول(11) ابن شهاب أو تعليق من البُخاريِّ.
          قال (ع): كيف يكون تعليقًا وقد ذكره مسندًا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة كما سيأتي في وقت العصر.
          هكذا جزم به فوقع فيما يعيبه،(12) والعجب أنَّهُ أخذ لفظ (ح) وتصرَّف فيه، ولفظ (ح)سالم مِن اعتراضه، فإنَّهُ قال: قلت: الاحتمال الثاني على بعده خلافُ الواقعِ كما ظهر في باب وقت العصر فانظرْ وتعجَّب.
          ومِن أغاليط (ع) في هذا الموضع أنَّهُ قال في أثناء كلامه ناقلًا مَا نصُّه: وسعيد بن المسيَّب لم يصحَّ سماعه مِن(13) عمر ☺، وأدرك عثمان ☺، ولا تُحْفَظُ له عنه رواية عن رسول الله صلعم، انتهى.
          ورواية سعيد بن المسيِّب عن عثمان في «الصحيحين» في حديث المتعة، ولكن / ليس فيها تصريح برفع الحديث.


[1] قوله: «منسوخ» زيادة من (س).
[2] في (س) و(د): «ادعاء»، وفي الأصل و(ظ): «ادعائه».
[3] في (س): «فيه».
[4] في (س): «فليذكر».
[5] في (س): «والأول».
[6] قوله: «به» ليس في (س).
[7] قوله: «على» ليس في (س).
[8] في (س): «بعينه بالسند بعينه ».
[9] قوله: ((إلى)) زيادة من (س).
[10] قوله: «أن» ليس في (س).
[11] في (س): «بقول».
[12] في (د) و(س): «يعيبه»، وفي (ظ): «يعنيه».
[13] في (س): «عن».