انتقاض الاعتراض

باب الصلاة في المنبر

          ░18▒ (باب الصَّلاة في المنبر)
          إلى أنْ قال: ولم يرَ الحسن بأسًا أن يصلِّي على الجَمد.
          قال (ح): الجَمد: الماء إذا جمد، وهو مناسب لأثر ابن عمر الآتي أنَّهُ صلَّى على الثلج.
          قال (ع ): إنْ لم يقيَّد(1) الثَّلْجَ بكونه مُتَجَمِّدًا ملتبِّدًا(2) لا تجوز الصَّلاةُ عليه فلا يكون مناسبًا له.
          قلت: جوابه مستغنًى عنه.
          قال (ح): أبو موسى صحَّف فيه جعفر أو شيخه، أي قوله: «أرسل إلى فلانة»(3)، وإنَّمَا هو فلانة، انتهى.
          ووقع عند الكِرْمَانيِّ: قبل: اسمها عائشة وأظنُّه صحَّفَ الْمُصَحَّفَ، ولو ذكره مستنده(4) في ذلك لكان الأَولى(5)، ثُمَّ وجدتْ في «الأوسط» للطَّبرانيِّ مِن حديث جابر أنَّ رسول الله صلعم كان يصلِّي إلى سارية فأمرتْهُ عائشة فصنعَتْ له منبره هذا...الحديثَ.
          وعنده(6)، ضعيفٌ، ولو صحَّ لما دلَّ على أنَّ عائشةَ هي الْمُرَادة في حديث سهل إلا بتعسّف لكن تبين أن الكِرْمَانيّ لم يصحف عائشة(7) في(8) فلانَّة.(9)
          قال (ع): ما نصُّه: قال بعضهم: وأظنُّه صحَّفَ الْمُصَحَّف.
          قلت: هذا الطَّبَرَانِيُّ روى في «المعجم الأوسط» مِن حديث جابر فساق الحديث، قال: وبه يُستأنس أنَّ فلانة هي عائشة المذكورة ولا سيما كان قائله الأنَّصارية ولا يُستبعد هذا وإن كان / إسناد الحديث ضعيفًا، انتهى.
          والعجب(10) منه كيف يأخذُ الفائدةَ مِن الذي قبله ويدعيها بقوله: قلتُ؟! وليُنظر في قوله: ولا سيما ماذا يتحصل منه.
          قال (ع): قال النَّوويُّ: وجدت(11) في شرح حديث ذي اليدين _بعد أنْ قرَّر أنَّ المصلي لا يرجع فيما عنده مِن قَدْرِ صلاته إلى غيره_: لو رجع ذو اليدين مِن حين قال له النَّبيُّ صلعم: «لم أنْسَ ولم يقْصُرْ(12)» ثُمَّ عقَّبَه بأنَّ هذا ليس بجوابِ مُخْلِص؛ لأنَّهُ لا يخلف(13) عن الرجوع سواء كان رجوع للتَّذكير(14) أو لغيره وعدم رجوع ذي اليدين كان لأجل كلام الرَّسول، لا لأجل تعيُّن نفسه، فافْهم.قلت: انْظر هل يفهم هذا؟!.
          قال (ح): «وقد(15) سلم النَّبيُّ صلعم هذا...» إلى آخره، هو طرف مِن حديث أبي هريرة في قصة النبي صلعم(16) ذي اليدين، وهو موصول في «الصَّحيحين» مِن طرق لكن قوله: «وأقبل على النَّاس» لكنَّه في «الموطأ» مِن طريق أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة، ووهم ابن التِّين تبعًا لابن بطَّال حيث جزم بأنَّهُ طرف مِن حديث ابن مسعود الماضي؛ لأنَّ حديث ابن مسعود ليس في شيء مِن / طرقه أنَّهُ سلَّمَ مِن ركعتين.
          قال (ع): هذا التَّعليق قطعةٌ مِن حديث أبي هريرة في قصَّة ذي اليدين، وزعم ابن بطَّال وابن التِّين أنَّهُ طرف مِن حديث ابن مسعود الذي سَلَفَ، وهذا وهمٌ منهما؛ لأنَّ حديث ابن مسعود ليس في شيء مِن طرقه أنَّهُ سلَّم مِن ركعتين، انتهى.
          فأخذ الكلام بعينه وتصرَّف فيه، وأخذ منه شيء مبهم(17) لم ينسه(18)، لقائله فانظرْ وتعجَّب.
          ومَن تأمَّل غالب كلامه وجده مِن هذا النَّمَط إلَّا ما زاده على سبيل الاسْتطراد والحشو في هذا الباب مِن ذلك ما يدلُّ على غيره.


[1] في (س): «يتقيد».
[2] في (س): «متلبدًا».
[3] في (د): «علاثة».
[4] في (س): «مستندًا».
[5] في (س): «أولى».
[6] في (د) و(س): « وسنده».
[7] قوله: ((في حديث سهل إلا بتعسّف لكن تبين أن الكِرْمَانيّ لم يصحف عائشة)) زيادة من (د).
[8] في (س) و(د) و(ظ): « من».
[9] في (د): «علاثة».
[10] في (د) و(س): «فالعجب».
[11] في (س): «وحديث».
[12] في (ظ) و(س) و(د): «تقصر».
[13] في (د) و(س) و(ظ): «يخلو».
[14] في (ظ): «للتذكر».
[15] في (س): «قد».
[16] قوله: ((النبي صلعم)) زيادة من (س).
[17] في (د): «شيء مهم»، وفي (س): ((بشيء مهم))
[18] في (د) و(س) و(ظ): «ينسبه».