مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الخاء مع الباء

          الخاء مع الباء
          559- «المُخَبَّأةُ» البِكرُ المصُونةُ؛ لأنَّها تُخبَّأُ في غالبِ العادةِ من الرِّيحِ والشَّمسِ فتبقَى ناضِرةَ الجسمِ غضَّتَه، كما في الحديثِ الآخَرِ: «ولا جِلدَ عذراءَ».
          قوله: «خبَأتُ لكَ خبِيئاً» [خ¦1354]، وعند الأصيليِّ: «خَبِيَّاً»، وعندَ غيرِه: «خَبأً»، وهو على كلِّ شيءٍ غائبٍ مَستورٍ، وخَبْءُ السَّمواتِ والأرضِ: الغيبُ، وخبءُ الأرضِ: المطرُ والنَّباتُ.
          قوله: «ابتغُوا الرِّزْقَ في خَبايا الأرضِ» قيل: الزَّرعُ، وقيل: المَعادنُ، الواحدةُ خَبِيئةٌ وخَبِيَّةٌ، «فاختَبأتُ» [خ¦602] استَترْتُ عن عينِه، و«أختَبِئُ دعوَتي» [خ¦6304] أُؤخِّرُها مدَّخِراً لها غيرَ مقدِّمٍ لها ولا مُظهِرٍ.
          قولُ / هندٍ: «أهل خِباءٍ أو أخباءٍ» على الشَّكِّ في مُسلمٍ [خ¦3825] في «كتابِ الأيمانِ»(1)، ومثلُه في النُّذورِ من البخاريِّ [خ¦6641]، وهو جمعُ خِباءٍ من خَبَأتُ؛ لأنَّه يُختَبأ فيه ويُستَتَر، والخِباءُ بيتٌ من بيُوتِ الأعرابِ، ثمَّ يُستعمَلُ في غيرِها من مَنازلِهم ومَساكنِهم كما استَعملَته هاهنا، وكقوله: «أتى خِباءَ فاطمةَ وهو بالمدينةِ»، يريدُ حُجْرتَها، قال أبو عُبيدٍ: الخِباءُ من وبَرٍ أو صوفٍ، ولا يكونُ من شعَرٍ، وأخبيةُ المُصحَفِ أغشِيَتُه التي يُستَرُ فيها.
          560- و«خبَّ ثلاثاً» [خ¦1644] أسرَعَ، والاسمُ الخَبَبُ، وهو ضَرْبٌ من العَدْوِ؛ وهو أوَّلُ الإسراعِ، مثلُ الرَّمَلِ في الحجِّ.
          561- و«الخِبْثَة» [خ¦6980]ما كان غيرَ طيِّبِ الكسبِ والأصلِ، وكلُّ حرامٍ خبيثٌ؛ قال تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [الأعراف:157]، وقيل: الخِبثةُ بيعُ أهلِ العَهدِ، وقيل: هي هاهنا الرِّيبةُ من الفُجورِ.
          «أعوذُ بكَ من الخَبيثِ المُخبِثِ»؛ أي: الخبيثِ في نَفسِه، والخبيثُ النَّجِسُ.
          ومنه: «ولا هو يدافِـعُ الأخبَثَين» و«الخبيثُ» الرَّديءُ من كلِّ شيءٍ، ومنه: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ}[البقرة:267].
          و«الخبيثُ» أيضاً: الكريهُ الطَّعمِ والرَّائحةِ، ومنه في قَليبِ بدرٍ: «خَبيثٍ مُخْبِثٍ» [خ¦3976]، و«الشَّجرةُ الخبِيثةُ» يعني الثُّومَ.
          و«المُخبِثُ» الذي يُعلِّمُ النَّاسَ الخُبثَ ويَحمِلُهم عليه، وقيل: الذي يصحَبُ الخُبَثاءَ، أو أعوانُه خُبَثاءُ.
          وقوله: «منَ الخُبْثِ والخبائثِ» [خ¦142] «الخُبْثُ» بإسكانِ الباءِ، قال أبو عُبيدٍ: هو الشَّرُّ، قال ابنُ الأنبارِيِّ: هو الكفرُ، و«الخبائثُ» الشَّياطينُ، وقال الدَّاوديُّ: «الخُبْثُ» الشَّيطانُ، و«الخبائثُ» المعاصي، وقيل: «الخبائثُ» إناثُ الجنِّ، و«الخبُثُ» بضمِّ الباءِ ذكورُهم، جمعُ خبيثٍ، وغلَّط الخَطَّابيُّ من سكَّن الباءَ(2)، وقيل: استعاذَ من الخُبثِ نفسِه الذي هو الكفرُ، ومن الخبائثِ التي هي الأخلاقُ الخبيثةُ.
          وقوله: «إذا كَثُرَ الخَبَثُ» [خ¦3598] يعني الزِّنا، وقيل: أولادُ الزِّنا، وقد جاء في حديثٍ آخرَ: «ويكثُر الزِّنا» [خ¦5231]، ويقال فيه: خِبْثةٌ، و«تنفِي خَبَثَها» [خ¦1883]؛ أي: ردِيئَها، و«خَبَثُ الحديدِ» [خ¦1871] ردِيئُه الذي تُخرِجُه النَّارُ عن خالصِه، / و«أخبثُ(3) اسمٍ عندَ الله» [خ¦6206]؛ أي: أرْدؤُه وأرذلُه؛ يعني صاحبَه.
          «وإلَّا أصبحَ خبيثَ النَّفسِ» [خ¦1142]، و«لا يقولَنَّ أحدُكم خَبُـــثَتْ نفسِي» [خ¦6179] هو تغيُّرُ النَّفسِ وكسَلُها وقلَّةُ نشاطِها، أو غَثَيانُها، أو سوءُ خلُقِها.
          في البخاريِّ: «بابُ شُرْبِ السُّمِّ والدَّواءِ به وبما يُخافُ منه والخبيثِ» [خ¦76/56-8600] ثبتَتْ هذه اللَّفظةُ عندَ القابِسيِّ وأبي ذرٍّ،وسقطَت لغيرِهما، وذكرَها التِّرمذيُّ في الحديثِ، وفسَّرَها بالسُّمِّ.
          562- و«المُخَابَرةُ» المُزَارَعةُ على الجزءِ، والخُبرة بالضَّمِّ هو النَّصيبُ، والخِبار والخَبْراءُ الأرضُ الليِّنةُ، وقيل: سُمِّيَتْ من خيبرَ؛ لمعاملةِ النَّبيِّ صلعم إيَّاهم على الجزءِ من ثمارِها، فقيل: خابرَهم ثمَّ تنازَعوا فنُهوا عنها، ثمَّ جازَت بعدُ، هذا قولُ ابنِ الأعرابيِّ، وغيرُه يأباه، وقيل: إنَّها لفظةٌ مستعملةٌ، و«الأكَّارُ» [خ¦4020] يقالُ له: الخبيرُ؛ لعمَلِه في الأرضِ، وجاءَ في مسلمٍ: «نهَى عن الخَبْر»، كذا قيَّدْناه من طريقِ الطَّبريِّ، وعند ابنِ عيسى بضمِّ الخاءِ، وعند غيرِهما بكَسرِها، وبالفَتحِ هو في «العين».
          وقولُ عمرَ: «ما أريد أن أَخبُرَهما»، ويُروَى: «أختَبِرَهما» كنايةٌ عن الوطءِ.
          وقوله: «أتيناه نستَخبِرُه» [خ¦4189]؛ أي: نسألُه عن خبرِ النَّاسِ.
          وفي «الموطَّأ»: «فنسألُ عنها ونستَخبِرُ» رُويَ بالباءِ مِن طَلبِ الخبرِ فيها، ورُوِي بالياءِ من الاستِخارَةِ فيها؛ أي: طَلبِ الخِيَرةِ.
          وقوله في قُبلةِ الصَّائم: «ألا أخبَرْتِيها»، كذا للجُمهورِ.
          وعندَ ابنِ المُرابطِ وابنِ عتَّابٍ: «أخبرْتِها»، والأوَّلُ لغةٌ، وهذه أعرفُ.
          في الكسوفِ في حديثِ مسلمٍ عن الدَّارميِّ: (أخبرَني أبو سلَمةَ بنُ عبدِ الرَّحمن عن خَبَرِ عبدِ الله بن عمرِو بن العاصِ)، كذا في الأمَّهاتِ، ومعناه: عن إخبار عبدِ الله إيَّايَ أو لي، فوضَعَ «الخبرَ» موضِعَ الإخبارِ.
          وقوله: «هل من مُغرِّبةِ خبَرٍ» على الإضافةِ، واختُلِفَ في ضبطِ الغينِ بالفتحِ والإسكانِ، وفي ضبطِ الرَّاءِ بالكسرِ مع التَّخفيفِ أو الشَّدَّةِ، أو بالفتحِ مع التَّخفيفِ، وكلٌّ صحيحٌ، ومعناه: هل من خبرٍ عن حادثٍ يُستَغرَبُ؛ أي: يُستَبعَدُ؟ وقيل: / هل من خبرٍ جاء عن بُعدٍ؟ و«خبرٍ» خُفِضَ بالإضافةِ، قال الشَّيخُ أبو مروانَ بنُ سِرَاجٍ: ولا يجوزُ نصبُه؛ لأنَّ الكلامَ لا يتِمُّ في المَفعولِ إلَّا أن يُضمَرَ ما يتمُّ له الكلامُ، وقال ابنُه: يصِحُّ على المفعولِ.
          563- وقوله: «حتَّى أكلْنا الخَبَطَ» [خ¦4361] هو ورقُ السَّمُرِ، ومنه: «دقيقاً وخَبَطاً»، واختَبطَ ضرَب بالعصا ليَسقطَ.
          564- و«طِينَة الخَبالِ» مفسَّرةٌ بأنَّها عُصارَة أهلِ النَّارِ، وصديدُ أهلِ النَّارِ، وعرَقُ أهلِ النَّارِ، وأصلُ «الخَبالِ» الفسادُ، وأُضيفَ إليه لإفسادِها أجسامَهم، وفي تَفسيرِ سورةِ براءة: «الخَبالُ: الفسادُ، والخَبالُ الموتُ» [خ¦65-6739]، كذا للجميعِ، وصوابُه «المُوتَةُ»؛ يعني الجنونَ.


[1] ورد هذا الحديث في نسختنا من «مسلم» في كتاب الأقضية، وفيه: «خباء» بغير شكٍّ.
[2] جاء في هامش (س): (وذكر القاضي عياض أنَّ أكثر روايات الشُّيوخ الإسكانُ).
[3] في البخاري ░6206▒ ومسلم ░2143▒: (أخنَع)، وكذا يأتي في مكانه.