التلويح شرح الجامع الصحيح

حديث: أقام النبي تسعة عشر يقصر

          1080- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلعم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا» [خ¦1080].
          عند أبي داود: «أقام رسول الله صلعم زمن الفتح تسع عشرة ليلة يصلي ركعتين».
          وفي لفظ: «سبع عشرة».
          قال: وأكثر الروايات تسع عشرة.
          وأخبرنا النفيلي، عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، ولفظه: «أقام بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة».
          قال أبو داود: رواه عَبْدَةُ بن سليمان، وأحمدُ بن خالد الوهبيُّ، وسلمةُ بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله عن ابن عباس.
          وقال البيهقي: الصحيح مرسل.
          ورواه أيضًا من طريق الحسن بن الربيع، عن ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عن الزهري.
          ورواه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق مسندًا، وهو سند صحيح خلاف ما ذكره البيهقي، ولو / رواه أبو داود من هذه الطريق لما أعلَّه بما سبق من قوله.
          وعند الترمذي: سافر رسول الله صلعم سفرًا فصلَّى تسعة عشر يومًا ركعتين ركعتين.
          وعند أبي داود عن عِمران بن حُصَيْن قال: شهدت مع النبي صلعم يوم الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين، ويقول: «يا أهل البلد، صلُّوا أربعًا، فإنا سَفرٌ».
          في سنده ابن جدعان.
          وقال الحاكم في «الإكليل»: أصحها بضع عشرة.
          وعند البيهقي من حديث رجل عن ابن عمر: «أن رسول الله صلعم أقام سبع عشرة يصلي ركعتين يحاصر الطائف».
          قال البيهقي: مَن روى: «تسع عشرة» عَدَّ يوم الدخول ويوم الخروج، ومَن روى: «سبع عشرة» لم يعدَّهما، ومَن قال: «ثمان عشرة» لم يعدّ أحد اليومين.
          وذكر البخاري بعده حديث أنس: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ _شرفها الله تعالى_ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، قيل: كم أَقَمْتُمْ؟ قَالَ: عَشْرًا) [خ¦1081].
          وهو مخرَّج عند الأئمة السِّتَّة، وكان في حجة الوداع.
          وعند أبي داود بسند صحيح عن جابر قال: «أقام رسول الله صلعم بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة».
          وقال ابن حزم: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان راويه ثقة، وباقي مَن في السند لا يسأل عنهم.
          وفي «علل الترمذي»: قال محمد بن إسماعيل: يروى عن ابن ثوبان عن النبي صلعم مرسلًا.
          وذكر أبو هلال العسكري في كتاب «الأوائل» تأليفه قال: وَلَّى الحجاجُ بن يوسف أنسَ بن مالك سابور من فارس، فأقام فيها سنين يقصر الصلاة ويفطر، ويقول: ما أدري كم مقامي ومتى يوافيني العزل.
          قال أبو هلال: هذا إسناده صحيح.
          وعند ابن الجوزي مُضعَّفًا: كتب عبد الله بن معمر إلى ابن عمر وهو أمير بفارس: إنَّا قد استقررنا فلا نخاف عدونا، وقد أتى علينا سبع سنين، وقد وُلِد لنا أولاد، فكم صلاتنا؟ فكتب إليه ابن عمر: صلواتكم ركعتان، فكتب إليه ثانيًا، فكتب ابن عمر: كتبتُ إليك سنةَ رسول الله صلعم وسمعته يقول: «مَن أخذ بسنتي فهو مني، ومن رغب عن سنتي فليس مني».
          وقال أبو عبد الله الجوزقاني: هذا الحديث باطل.
          اختلف العلماء في المدة التي إذا نوى المسافر الإقامة فيها / لزمه الإتمام:
          فذكر ابن حزم عن سعيد بن جبير أنه قال: إذا وضعتَ رجلك بأرضٍ فأتمَّ.
          وهو في «المصنف» عن عائشة وطاوس بسند صحيح.
          قال: وحدثنا داود، عن عبد الأعلى، عن أبي العالية قال: إذا اطمأنَّ صلَّى أربعًا. يعني نزل.
          وعن ابن عباس بسند صحيح مثله.
          الثاني: إقامة يوم وليلة، حكاه ابن عبد البر عن ربيعة.
          الثالث: ثلاثة أيام، قاله ابن المسيب في قول.
          الرابع: أربعة أيام، روي عن الشافعي وأحمد ابن حنبل، وروى مالك عن عطاء الخراساني أنه سمع سعيد بن المسيب، قال: مَن أَجمَعَ إقامة أربع ليال وهو مسافر أتمَّ الصلاة. قال مالك: وذلك أحب ما سمعتُ إليَّ.
          قال أبو عمر: ودلَّ ذلك على أنه سمع الخلاف.
          وقال ابن الحَصَّار في «تقريب المدارك»: قول سعيد مسندٌ بالمعنى من قول النبي صلعم: «يمكث المهاجر بمكة ثلاثًا»، وإقامة المهاجر بمكة محرمةٌ مع الاختيار، فيدل ذلك على أن مدة الثلاث ليست مدة إقامة، وأن ما زاد عليها إقامة. انتهى.
          وروى قولَ سعيد أيضًا ابنُ أبي شيبة عن وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد.
          وقال ابن وهب: أحسن ما سمعت، والذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا: أن من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتمَّ الصلاة.
          قال أبو عمر: وإلى هذا ذهب الشافعي، وهو قوله وقول أصحابه، وبه قال أبو ثور.
          قال الشافعي: ولا يحسب يوم ظعنه ولا يوم نزوله.
          وحكى إمام الحرمين عن الشافعي أربعة أيام ولحظة.
          الخامس: أكثر من أربعة أيام، ذكره ابن رشد في «القواعد» عن أحمد وداود.
          السادس: أن ينوي إقامة اثنين وعشرين صلاة، قال ابن قدامة في «المغني»: هو مذهب أحمد.
          السابع: عشرة أيام، روي عن علي بن أبي طالب من حديث محمد بن علي بن حسين عنه، والحسن بن صالح، ومحمد بن علي بن حسين، رواه أبو بكر عن الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه.
          وحدَّثنا شريك عن جابر بن أبي جعفر: أنه كان يتمُّ في عشر.
          الثامن: اثنا عشر يومًا، قال أبو عمر: روى مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقول: أقل صلاة المسافر ما لم يُجمع مُكثًا اثنتا عشرة ليلة.
          قال: وروي عن الأوزاعي مثله، ذكره الترمذي / في «جامعه».
          التاسع: ثلاثة عشر يومًا، قال أبو عمر: روي ذلك عن الأوزاعي.
          العاشر: خمسة عشر يومًا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري والليث بن سعد وحكاه ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب بسند صحيح.
          وحدَّثنا وكيع: حدَّثنا عُمر بن ذرٍّ عن مجاهد: كان ابن عمر إذا أجمع على إقامة خمس عشرة صلَّى أربعًا.
          الحادي عشر: ستة عشر يومًا، روي عن الليث أيضًا.
          الثاني عشر: سبعة عشر يومًا، وهو قول للشافعي.
          الثالث عشر: ثمانية عشر يومًا، وهو قول للشافعي أيضًا.
          الرابع عشر: تسعة عشر يومًا، قاله إسحاق بن إبراهيم فيما ذكره الطوسي عنه.
          الخامس عشر: عشرون يومًا، وقد أسلفنا حديثه، وبه قال ابن حزم.
          السادس عشر: يقصر حتى يأتي مصرًا من الأمصار، قال أبو عمر: قاله الحسن بن أبي الحسن.
          قال: ولا أعلم أحدًا قاله غيره.
          وهو في «المصنف» مسند صحيح عنه، ولفظه: إذا قدم مسافر مصرًا من الأمصار صلَّى أربعًا، وذكره ابن حزم أيضًا عن قتادة.
          السابع عشر: إحدى وعشرون صلاة، ذكره ابن المنذر عن الإمام أحمد.
          الثامن عشر: يقصر مطلقًا، ذكره أبو محمد البصري.
          التاسع عشر: قال ابن أبي شيبة: حدَّثنا جرير عن مغيرة عن سِمَاك بن سَلَمة عن ابن عباس قال: إن أقمت في بلد خمسة أشهر فقصِّر الصلاة.
          العشرون: قال أبو بكر: حدَّثنا مِسْعَر وسفيان عن حَبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن قال: أقمنا مع سعد بن مالك شهرين بعُمان يقصر الصلاة ونحن نُتمُّ، فقلنا له؟ فقال: نحن أعلم.
          الحادي والعشرون: قال: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا شعبة: حدَّثنا أبو التَّيَّاح عن أبي المِنْهال _رجل من غزة_ قلت لابن عباس: إني أقيم بالمدينة حولًا لا أشدُّ على سفر؟ قال: صلِّ ركعتين.
          الثاني والعشرون: عند أبي بكر بسند صحيح قال سعيد بن جبير: إذا أراد أن يقيم أكثر من خمسة عشر يومًا أتمَّ الصلاة.
          وقال ابن الحصار في «تقريب المدارك» لما ذكر إقامته بتبوك عشرين يومًا: هذا يدل على أن ليس لمدة إقامة المسافر تحديد إلا أن يجمع الإقامة، بخلاف مذهب ابن عباس إذ قال: إن زدنا على تسعة عشر يومًا أتممنا [خ¦1080] / .