تعليقة على صحيح البخاري

حديث: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا.

          6594-(1) معنى وصفه بـ(الصَّادق): عصمته، لا يقول إلَّا حقًّا، وبـ(المَصْدُوق): أنَّ الله صدقه فيما وعده(2) به، و(العَلَقَة): وهي الدَّم الجامد، و(المُضْغَة): القطعة الصَّغيرة من اللَّحم؛ سمِّيت بذلك؛ لأنَّها قدر ما يمضغ.
          قوله: (فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ): أي: كلمات.
          قوله: (بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟): هذه ثلاثة؛ لأنَّه لا تجمع الشَّقاوة والسَّعادة في واحد، وهو قد قال: أربع، ولعلَّه ذكر جملة ما يؤمر به؛ لا أنَّ كلَّ شخص يؤمر فيه بهذه الأربع، وفي رواية أخرى: «رزقه، وأجله، وأثره، وشقيٌّ أو سعيد؟»، وهذا أبين مِن الأوَّل.
          ومعنى: (يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ): ما فسَّره ابن مسعود: أنَّ النُّطفة إذا وقعت في الرَّحم وأراد الله تعالى أن يخلق منها بشرًا(3) ؛ طارت في بشر المرأة تحت كلِّ ظفر وشعر أربعين ليلة، ثمَّ تصير دمًا في الرَّحم، فذلك جمعها.
          قوله: (يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ...) إلى آخره: أي: يعمل أحدكم العمل الصَّالح في كلِّ عمره حتَّى إذا قرب أجله؛ يعمل السَّيِّئات التي توجب النَّار وتحبط ذلك العمل، فيدخل النَّار، والإيمان لا يحبطه إلَّا الكفر، وليس للعبد اختيار، وهل للعبد إلَّا ما سبق له وخُلِق له؛ لقوله ╡: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:16] ، و{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} [فاطر:3] ؟


[1] زيد في (أ): (الحديث).
[2] في (أ): (وعد).
[3] في (أ): (شرًّا).