تغليق التعليق

باب الطلاق في الإغلاق

          ░11▒ قوله في باب الطَّلاق في الإغلاق.
          لقول النَّبيِّ صلعم: «الأعمال بالنيَّة، ولكل امرئ ما نوى»، وتلا الشعبيُّ: {لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] ، وما لا يجوز من إقرار الموسوس.
          وقال النَّبيُّ صلعم للذي أقرَّ على نفسه: «أبك جنون؟».
          وقال عليٌّ: بقر حمزة خواصر شارفيَّ، وطفق النَّبيُّ صلعم يلوم حمزة، فإذا حمزة ثمل، محمرة عيناه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعرف النَّبيُّ صلعم أنَّه قد ثمل، فخرج وخرجنا معه.
          أما حديث الأعمال؛ فأسنده المؤلف من حديث عمر، في عدة مواضع بلفظ: «إنما الأعمال».
          ورواه بإسقاط «إنما» كما عُلِّقَ هنا في كتاب (الإيمان)، في أوائل الكتاب.
          وأمَّا قول الشعبيِّ...(1) .
          وأنبئتُ عن(2) غير واحد، عن كريمة القُرشية، عن أبي الحسن بن غبرة: أن محمَّد بن الحسن بن المنثور أخبره: أخبرنا محمَّد بن عبد الله الجعفيُّ: حدَّثنا هناد بن السريِّ: حدَّثنا أبو سعيد الأشج: حدَّثنا طلحة بن سنان: حدَّثنا سُليم مولى الشعبيِّ، عن عامر _هو الشعبيُّ_ في رجل حلف ألَّا يأكل من طعام شيئًا، فنسي فأكل قال: لا يُؤاخذ الله بالنسيان.
          وأمَّا قول النَّبيِّ صلعم للذي أقر على نفسه؛ فأسنده المؤلف في (الحدود) في قصة ماعز.
          وأسنده في الباب مختصرًا من حديث جابر.
          وأمَّا قصة حمزة؛ فأسندها في (البيوع).
          قوله فيه: وقال عثمان: ليس لمجنون ولا لسكران طلاق، وقال ابن عباس: طلاق السكران والمستكره ليس بجائز، وقال عقبة بن عامر: لا يجوز طلاق الموسوس، وقال عطاء: إذا بدأ بالطَّلاق؛ فله شرطه، وقال نافعٌ: طلق رجلٌ امرأته ألبتَّة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت؛ فقد بُتت منه، وإن لم تخرج؛ فليس بشيء، وقال الزهريُّ فيمن قال: إن لم أفعل كذا وكذا؛ فامرأتي طالقٌ ثلاثًا، يُسَأْلُ عما قال، وعقد عليه قلبه حين حلف بتلك اليمين، فإن سمى أجلًا أراده وعقد عليه قلبه حين حلف؛ جعل ذلك في دينه وأمانته، وقال إبراهيم: إن قال: لا حاجة لي فيكِ؛ نِيَّتُهُ، وطلاقُ كل قوم بلسانهم، وقال قتادة: إذا قال: إذا حملت؛ فأنت طالق ثلاثًا، يغشاها عند كل طُهرٍ مرةً، فإن استبان حملها؛ فقد بانت منه، وقال الحسن: إذا قال: الحقي بأهلك؛ نيته، وقال ابن عباس: الطَّلاق عن وطر، والعتاق ما أريد به وجه الله، وقال الزهريُّ: إن قال: ما أنت بامرأتي؛ نيته، وإن نوى طلاقًا(3) ؛ فهو ما نوى، وقال عليٌّ: ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة؟ عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ، وقال عليٌّ: وكل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه.
          أما قول عثمان؛ فقال البيهقيُّ: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل: أخبرنا أبو سهل بن زياد: حدَّثنا عبد الله بن روح: حدَّثنا شبابة: حدَّثنا ابن أبي ذئبٍ عن الزهريِّ: أُتي عمر بن عبد العزيز برجل سكران، فقال: إني طلقت امرأتي وأنا سكران، فكان رأي عمر معنا أن نجلده، ونفرق بينهما، فحدثه أبان بن عثمان عن عثمان قال: ليس للمجنون ولا للسكران طلاق، فقال عمر: كيف تأمرني، وهذا يحدثني عن عثمان؟ فحَّدَّه، ورد إليه امرأته.
          رواه ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» عن شبابة.
          وروى مُسدَّدٌ في «مسنده الكبير» عن يحيى بن سعيدٍ، عن سفيان، عن ابن أبي ذئب نحوه باختصار.
          وقرأت على سارة بنت شيخ الإسلام أبي الحسن السبكيِّ: أخبركم أحمد بن علي الجزريُّ: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم: أخبرنا أبو طاهر الخشوعيُّ: أخبرنا أبو محمَّد الأكفانيُّ: أخبرنا عبد العزيز الكتانيُّ: أخبرنا عبد الرَّحمن بن عثمان: أخبرنا أبو الميمون بن راشد: أخبرنا أبو زرعة الدمشقيُّ قال: فحدثني آدم عن ابن أبي ذئب، عن الزهريِّ قال: قال رجلٌ لعمر بن عبد العزيز: طلقت امرأتي وأنا سكران؟ قال الزهريُّ: فكان رأي عمر بن عبد العزيز مع رأينا أن يجلده، ويفرق بينه وبين امرأته، حتى حدثه أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه قال: ليس على المجنون ولا السكران طلاق، فقال عمر: تأمروني وهذا يحدثني عن عثمان بن عفان؟ فجلده، ورد إليه امرأته. /
          وأمَّا قول ابن عباس؛ فقال أبو بكر ابن أبي شيبة: حدثنا هُشيم عن عبد الله بن طلحة الخُزاعيِّ، عن أبي يزيد المدينيِّ، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ليس لسكران ولا لمضطَّهد طلاق؛ يعني: المغلوب المقهور.
          وكذا رواه سعيد عن هشيم، وقرأت على فاطمة بنت محمَّد بن أحمد، عن سليمان بن حمزة: أن جعفر بن عليٍّ أخبره: أخبرنا أبو طاهر السلفيُّ: أخبرنا أبو منصور الخياط: أخبرنا أبو القاسم بن بشران: حدَّثنا دعلج بن أحمد: حدَّثنا يوسف القاضي: حدَّثنا محمَّد بن كثير: أخبرنا الأوزاعيُّ عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: طلاق المكره ليس بشيء.
          رواه عبد الرَّزَّاق عن ابن المبارك، عن الأوزاعيِّ نحوه.
          وأمَّا قول عقبة بن عامر...(4) .
          وأمَّا قول عطاء؛ فقال عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه» عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، وابن المسيِّب في الرجل يقول: امرأته طالق وعبده حر إن لم يفعل كذا وكذا، يُقدَّم الطَّلاق والعتاق، قالا: إذا فعل الذي قال؛ فليس عليه طلاق ولا عتاق، يقولون: إذا برَّ.
          وعن معمر، عن الزهريِّ مثله.
          وعن ابن جريج، عن عطاء، مثل قول سعيد، والحسن، قلت له: فإن ناسًا يقولون: هي تطليقة حين بدأ بالطَّلاق قال: لا هو أحق بشرطه.
          وأمَّا قول ابن عمر...(5) .
          وأمَّا قول الزهريِّ؛ فقال عبد الرَّزَّاق عن معمر، عن الزهريِّ، في الرجلين يحلفان بالطَّلاق على أمر يختلفان فيه، ولم يقم على واحد منهما بينة على قوله قال: يدينان ويُحَمَّلان من ذلك ما تَحمَّلا.
          وأمَّا قول إبراهيم؛ فقال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث: حدَّثنا إسماعيل عن إبراهيم به.
          وقال أيضًا: حدَّثنا ابن إدريس، عن مطرف.
          (ح): وحدثنا جرير عن المغيرة، عن إبراهيم قال: طلاق العجميِّ بلسانه جائز.
          وأمَّا قول قتادة؛ فقال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى عن سعيد، عن قتادة قال: في الرجل يقول لامرأته: إذا حملت؛ فأنت طالق، قال: يقع عليها عند كل طهر مرة، ثم يمسك حتى تطهر، فإذا استبان حملها؛ بانت.
          وأمَّا قول الحسن؛ فقال عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه» عن معمر، عمن سمع الحسن، يقول في قوله: الحقي بأهلك، قال: ما نوى.
          وأمَّا قول ابن عباس...(6) .
          وأمَّا قول الزهريِّ الأخير؛ فقال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى عن معمر، عن الزهريِّ...
          وأمَّا حديث علي بن أبي طالب؛ فقال البغويُّ في «الجعديات»: حدثنا علي بن الجعد: حدَّثنا شعبة عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس: أن عمر أُتِيَ بمجنونة قد زنت وهي حبلى، فأراد أن يرجمها، فقال له علي: أما بلغك أن القلم [قد] وضع عن ثلاثة؛ عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يعقل، وعن النائم حتى يستيقظ.
          تابعه ابن نُمير، وجرير، وشعبة، ووكيع، وغير واحد، عن الأعمش.
          وقرأت على إبراهيم بن أحمد: أخبركم: عيسى بن عبد الرَّحمن في كتابه سنة ست عشرة وسبع مئة: أنَّ جعفر بن عليٍّ أخبرهم: أخبرنا السلفيُّ: أخبرنا أبو طالب البصريُّ: أخبرنا أبو القاسم بن بشران: حدَّثنا أبو علي بن خزيمة: حدَّثنا يعقوب بن يوسف القزوينيُّ: حدَّثنا محمَّد بن سعيد بن سابق: حدَّثنا عمرو بن أبي قيس عن منصور، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي ظبيان قال: أُتِيَ عمر بمجنونة قد زنت، فأمر برجمها؛ فذكر مثله، كذا قال، لم يذكر ابن عباس، والأول أولى.
          ورواه جرير بن حازم عن الأعمش، فصرح برفعه.
          ومن طريقه أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في «صحيحه».
          ورواه عطاء بن السائب عن أبي ظبيان، عن عليٍّ مرفوعًا أيضًا، لكنه لم يذكر فيه ابن عباس.
          ورواه أبو حَصين عن أبي ظبيان، عن عليٍّ موقوفًا.
          قال النَّسائيُّ: وأبو حَصين أثبت من عطاء بن السائب، وحديثه أولى بالصواب.
          قلت: ورواه هشيم عن يونس، عن الحسن، عن عليٍّ مرفوعًا، وهو منقطع.
          وأمَّا قول عليٍّ؛ فقال البغوي في «الجعديات»: حدثنا عليٌّ: حدَّثنا شعبة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة أنَّ عليًّا قال: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه.
          وأنبئت عمن سمع كريمة بنت عبد الوهاب: أنَّ عليَّ بن أحمد الحرستانيَّ أخبرهم: أخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي الحديد: أخبرنا المسدد بن عليٍّ: أخبرنا أبو الحسن الراقفيُّ: أخبرنا أبو عمرو السدوسيُّ: حدَّثنا أبو حذيفة: حدَّثنا سفيان عن الأعمش مثله.
          وقرأته على فاطمة بنت عبد الله الحورانية، عن زينب بنت إسماعيل الأنصارية سماعًا عليه: أنَّ أحمد بن عبد الدائم أخبرهم: أخبرنا يوسف بن معالي: أخبرنا علي بن أحمد بن منصور: أخبرنا أبي: أخبرنا عبد الرَّحمن بن أبي نصر: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقَب: أخبرنا أحمد بن شعيب النَّسائيُّ: حدَّثنا محمَّد بن رافع: حدَّثنا مصعب بن المقدام: حدَّثنا داود بن نصير الطَّائيُّ عن الأعمش به.
          رواه سعيد بن منصور عن جماعة من شيوخه، عن الأعمش، صرَّح في بعضها بسماع عابس من علي، وإسناده صحيح، وهو موقوف على عليٍّ.
          وقد أخرجه الترمذيُّ من حديث أبي هريرة مرفوعًا، وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وعطاء بن عجلان _يعني: راويه_ ذاهب الحديث.
          قوله فيه: قال قتادة: إذا طلَّق في نفسه؛ فليس بشيء.
          قال عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفه»: حدَّثنا معمر عن قتادة والحسن قالا: من طلَّق امرأته في نفسه؛ فليس طلاقه ذلك بشيء.


[1] بياض في المخطوط.
[2] في المطبوع: (من).
[3] في المطبوع: (طلاقها).
[4] بياض في المخطوط.
[5] بياض في المخطوط.
[6] بياض في المخطوط.