مختصر صحيح البخاري رضي الله عنه وشرح غريبه

المقدمة

          ♫
          قال الشَّيخ الفقيه الإمام العَالم العَامل الوَرع الزَّاهد، قدوة الحفَّاظ، عُمْدة المحدِّثين - جمال الدِّين أبو العبَّاس أحمد بن عمر بْن إبْراهيم الأنْصاري القُرْطبيُّ الحمد لله الَّذي خصَّ أهل السُّنة بالتَّوفيق، وسَلك بهم في صَحيح نقلها وإِيضاح معانيها سَوَاءَ الطَّريق، ورقَّاهم ببركة الاقْتداء بها مِن حَضيض التَّقليد إلى ذِرْوة التَّحقيق، وأسكتَ بصَوْلة حُججها شِقْشِقة كلَّ مِهذار مِنْطِيق.
          أحمده، وهو بجميع المحامد حقيقٌ، وأشكره شكرَ مَن عَلِمَ لَمَن شُكْرُ نِعَمِه مِنَّةٌ وتوفيق.
          وأشهد أنْ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له شهادةَ مَن انْشرحَ صدره بمعارفها، واتَّسع لقبولها مِن غير ضيق.
          وأشهد أنَّ محمَّدًا رسولٌ خُصَّ مِن الرِّسالة الإلهيَّة بالرُّكن الوَثيق، ومِن المِلَّة الحَنيفيَّة بالمنهج الواضح الأنيق، ومِن الرِّئاسة الإنْسانية بالشَّرف الشَّامخ والكَرم العَريق.
          صلَّى الله عليه، وعلى آله وأزواجه وذُرِّيته، صلاةً توصل إلى الرَّحب وتُنجي مِن المضيق.
          ورضي الله عن جميع صَحابته، الملتئم مِن كلِّ صِدِّيقَةٍ وصِدِّيق.
          أمَّا بعد:
          فلمَّا قضتْ نتائج العقول، وأدلَّة الشَّرع المنقولُ بأنَّ سعادة الدَّارين لا تُنال إلَّا بمتابعة هذا الرَّسول، وأنَّ الهداية الحقَّة باقتفاء سُنَنِه، وَسننُه واجبة الحصول - انتهضتْ هِمم أعلام العلماء، والسَّادة الفضلاء مِن الصَّحابة السَّابقين والتَّابعين اللَّاحقين إلى البحث عَن سُنَنِه، وآثاره، وأقواله وأفعاله، فحصَّلوا ذلك ضبطًا وحِفظًا، وقيَّدوه معنًى ولفظًا، واستنبطوا معانيه فقهًا وعقلًا، وبلَّغوها إلى غيرهم مشافهةً ونقلًا.
          ثمَّ لم يزل أهل العلم يتناقلون ذلك جيلًا بعد جيل، ويتوارثونه جَليلًا عنْ جليل، إلى أنْ انتهى ذلك إلى عصر الأئمَّة المصنِّفين الَّذين اختارهم الله لحفظ هذا الدِّين، وارْتضاهم لإظهار سنَّة سيِّد المرسلين.
          فأوَّلهم تصنيفًا وتوصيفًا / ، وأولاهم إِمامة وتشريفًا أبو عبد الله مالك بن أنسٍ بن أبي عامر الأَصْبَحي، فهو الَّذي حاز قَصَبَات السِّبَاق؛ إذ هو المشهود له بأنَّه أمير المؤمنين في الحديث والعلم بالاتِّفاق.
          ثمَّ تلاه أئمَّة المصنِّفين مُتسابقين، مُصَلِّين وَتالين ومُسَلِّين، وكلُّ مَن بعدَه منهم لم يَغْرِف إلَّا مِن فضالته، ولم يَسْرِ ذلكَ المَسْرَى إلَّا بِدلالته.
          وهؤلاء الأئمَّة هم:
          أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجُعْفِيُّ، البُخاريُّ، وأبو الحسين مُسلم بن الحَجَّاج القُشيريُّ النَّيسابوريُّ، وأبو داود سليمان بن الأشْعث السِّجِسْتَانيُّ، وأبو عيسى محمَّد بن عيسى بن سَوْرَة التِّرمذيُّ، وأبو عبد الرَّحمن أحمد بن شُعيب النَّسائيُّ.
          فهؤلاء صدور الأئمَّة الأبْرار الَّذين هَجَروا في طَلب حديث رسول الله صلعم الأوطان والأوطار، وأنْفقوا في تحصيله نفائس الأموال والأعمار، وارْتحلوا في جمعِه إلى متفرِّقات البلدان والأقطار، وبذلُوا وسعهم في تمييز صَحيحه مِن سقيمه، ومُعْوجِّه عن مَستقيمه.
          ثمَّ دوَّنوا وألَّفوا، وأسندوا وصنَّفوا، ثمَّ بذلوه لمَن ابتغاه، قاصدين بذلك وجه الإله، فأجورهم دائمةُ الاسْتمرار والاستقامة؛ ((مَن سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنةً كان له أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة)) خصوصًا إِماميْ علماء الصَّحيح، المبَرَّزَين في عِلم التَّعديل والتَّجريح: أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مُسلم بن الحجَّاج النَّيسابوري؛ فإنَّهما جمعا كُتبهما على شَرط الصحَّة(1)، وَبذلا جهدهما في ترتيبهما مِن كلِّ عِلَّة، فتمَّ لهما المراد، وانعقد الإجماع على تلقِّيهما(2) باسم »الصَّحيحين« أو كادَ.
          فجازى الله جميعهم عن الإسْلام أحسن الجزاء، ووفَّاهم مِن أجر مَن انتفع بكتبهم أفضل الإجزاء؛ فلقدْ حفظ الله بهذين الإمامين الصَّحيحَ مِن سُنن الدِّين، وأنهض بكتبهما حجَّة المحدِّثين والعُلماء الرَّاسخين.
          غير أنَّ أئمَّة النَّقل وجَهَابذة النَّقد اختلفوا فيمَن السَّابق منهما ومَن المُصَلِّي(3)؛ إذْ لَيس في حَلْبَتهما (4) تالٍ ولا مُسَلِّي(5).
          فذهبتْ طائفةٌ إلى ترجيح البخاري وكتابه، وإليه ذهب أكثر المشارقة.
          وذهبتْ طائفة أخرى إلى / ترجيح مسلم وكتابه، وإليه ذهب أكثر المغاربة، واحتجَّت كلُّ طائفة منها بما انْتهى إليها مِن مناقب مرجِّحِها.
          ونحن ننقل مِن عيون أخبارهما ما يدلُّ على مناقبهما لتعرف مقاديرهما، محذوفة الإسناد لشهرتها في كتب المؤرِّخين النُّقاد على منهاج المباحث الفقهيَّة وتقرير الطَّريقة النَّظريَّة.
          وممَّا(6) يُحتجُّ به للطَّائفة البخاريَّة ما قاله أبو بكر محمَّد بن إسْحاق بن خُزَيمة: ((ما تحتَ أديم السَّماء أعلم مِن البخاري بالحديث)).
          وقال مُسلم بن الحجَّاج للبخاريِّ _وقد سأله عن عِلَّة حديثٍ خفيتْ على مسلم فأجابه عن ذلك بما أعجبَه_ فقال له: ((لا يبغضك إلَّا حاسد، وأشهدُ أنْ ليس في الدُّنيا مثلك)).
          وقال أبو بكر الجَوْزَقيُّ: سمعت أبا حامد الشَّرْقِيَّ يقول: رأيت مسلم بن الحجَّاج بين يدي البخاريِّ كالصَّبي بين يدي(7) مُعَلِّمه.
          وقال الدَّارقطنيُّ: ((لولا البخاريُّ ما ذهب مسلم ولا جاء)).
          وقال أحمد بن محمَّد الكَرَابِيسيُّ: رحمَ الله الإمامَ أبا عبد الله البخاريَّ فإنَّه الَّذي ألَّف الأصول وبيَّن للنَّاس، وكلُّ مَن عملَ بعدَه فإنَّه أخذ مِن كتابه، كمسلم بن الحجَّاج، فرَّق كتبه في كتابه، وتجلَّد فيه حقَّ الجلادة، حيث لم ينسبه إلى قائله.
          ومنهم مَن أخذ كتابَه فنقله بعينه كأبي زُرعة وأبي حاتم.
          وقال أبو المُصعبِ: محمَّد بن إسماعيلَ عندنا لو أدركت مَالكًا ونظرتُ إلى وجهه ووجه محمَّد بن إسماعيل(8)، لقلتُ: كلاهما في الفقه والحديث واحد.
          وقال يعقوب الدَّوْرَقيُّ: محمَّد بن إسماعيل فقيه هذه الأمَّة.
          وذكر أبو أحمد بن عَدِيٍّ أنَّ البخاري لمَّا قدم بغداد امْتحنُه المحدِّثون بأن قَلبوا أسانيد مائة حديث، فخالفوا بين أسانيدها ومتونها، ثمَّ فرَّقوها على عشرة مِن طَلبة الحديث، لكلِّ واحد منهم عشرة.
          فلمَّا استقرَّ بالبخاري المجلس قام إليه واحدٌ مِن العشرة، فذكر له حديثًا مِن عشرته، وسأله عنه فقال: لا أعرف هذا، ثمَّ سأله عن(9) بقيَّة العشرة واحدًا واحدًا، والبخاري في كلِّ ذلك يقول: لا أعرفُ، ثمَّ قام بعده ثانٍ ففعلَ مثل ذلك، فأجابه البخاريُّ: بِلا أعرف، ثمَّ قام ثالث كذلك، إلى(10) أنْ أكمل / العشرة المائة الحديث المقلوبة، فظنَّ كلُّ مَن في المجلس عجْزَ البخاري وانقطاعه، فعند ذلك دعا البخاري بالأوَّلِ فردَّ متون أحاديثه إلى أسَانيدها، وكذلك فعل بجميعهم، فبُهِتَ السَّائلون وأُعجب بذلك الحاضرون والسَّامعون.
          وقال محمَّد بن حَمْدَويه: سمعتُ البخاريَّ يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأعرف مائتي ألف حديث غير صحيح.
          وقال جعفر بن محمَّد القطَّان: سمعتُ محمَّد بن إسماعيل يقول: كتبتُ عن أكثر مِن ألف شيخ، ما عندي حديثُ إلَّا أذكر سندَه.
          ونقل أبو الفرَج ابن(11) الجوزيِّ عن البخاريِّ أنَّه قال: صنَّفت كتاب «الصَّحيح» في ستَّ عشرة سنة مِن ستِّ مائة ألف حديث، وجعلتُه حجَّةً بيني وبين الله.
          وقال إبراهيم بن مَعْقِل: سمعتُ البخاريَّ يقول: ما أدخلتُ في كتاب «الجامع» إلَّا ما صحَّ، وقد تركتُ مِن الصَّحيح.
          وقال محمَّد بن يوسف بن مَطَر: قال لي محمَّد بن إسماعيل: ما وضعتُ في كتاب «الصَّحيح» حديثًا إلَّا اغتسلتُ قبل ذلك وصلَّيت ركعتين.
          وقال عبد القُدُّوس بن همَّامٍ: سمعتُ عِدَّةً مِن المشايخ يقولون: دَوَّن البخاريُّ تراجم كتابه بين قبر النَّبيِّ صلعم ومنبرِه، وكان يصلِّي لكلِّ ترجمة ركعتين.
          ولمَّا علم أهل زمانِه فضلَه على أقرانِه وتقدُّمَه على علماء أوانِه اتَّفقوا(12) على الأخْذ عنه والسَّماع منه، قال عليُّ بن صالح مُستملي البخاريِّ: كان يجتمع عليه في مجلسه أكثر مِنْ عشرين ألفًا.
          وقال الفِرَبْرِي(13): سمع كتاب البخاريِّ تسعون ألفًا، فما بقي أحدٌ يرويه غيري.
          هذا مع علوِّ إسناده، فقد أدرك(14) جماعة ممَّن أدركوا متأخِّري التَّابعين كمكِّيِّ بن إبراهيم البَلْخِي، وأبي عاصم النَّبِيل، ومحمَّد بن عبد الله الأنْصاري، وعصام بن خالد الحِمصي.
          وقد روى عنه جماعة مِن الأئمَّة كمسلم بن الحجَّاج، وأبي حاتم الرَّازي، ومحمَّد بن إسحاق بن خُزَيمةَ، وأبي حامد بن الشَّرْقِي، وأبي عيسى التِّرمذِي، وإبراهيم بن إسْحاق الحَرْبيِّ، في آخرين يَطُولُ ذِكْرهم.
          فقد حصل بالنَّقل المتواتر، والاتِّفاق(15) أنَّ البخاريَّ حاز قصْب السِّباق.
          وللطَّائفة النَّيسابوريَّة أن تقول: نحن لا ننازع في صحَّة ما نقلتم، ولا ننكرُ فَضْل مَن فَضَّلْتم، ولكنَّا ننقلُ مِن فضائلِ صاحبنا وأخباره نحو ما ذكرتم، ثمَّ نثبتُ / له ولكتابه مِن المَزِيِّة ما يوجب لها أولويَّة.
          فمِن ذلك ما قاله أبو عليٍّ الحسنُ بن عليٍّ النَّيسابوريُّ: ((ما تحتَ أديم السَّماء أصحُّ مِن كتاب مسلم، وما رأيتُ أحفظ منه)).
          ويلزم مِن هذا القول أنَّه أعلمُ بالصَّحيح مِن كلِّ مَن تحت أديم السَّماء، وهذا نحو ممَّا قاله ابن(16) خُزَيمة في البخاريِّ.
          وكان أبو زُرْعة وأبو حاتم يقدِّمان مسلمًا على مشايخ عصرهما، والبخاريُّ مِن مشايخ عصرهما، فقد حكما لمسلم بالتُّقدم على البخاريِّ.
          وقال أبو مروان الطُّنُبِيُّ(17): كان مِن شيوخي مَن يفضِّل كتاب مسلمٍ على كتاب البخاريِّ.
          وقال مَسْلَمةُ(18) بن قاسمٍ في «تاريخه»: مسلمٌ جليل القَدْر مِن أئمَّة المحدِّثين، وذَكَر كتابه في الصَّحيح وقال: لم يضع أحدٌ مثلَه.
          وقال أبو حامد الشَّرْقِي: سمعتُ مُسلمًا يقول: ما وضعتُ شيئًا في هذا المُسنَد إلَّا بحجَّة، وما أسقطتُ شيئًا منه إلَّا بحجَّة.
          وقال أبو محمَّد بن أبي حاتم: مسلم بن الحجَّاج ثقةٌ مِن الحفَّاظِ له معرفة بالحديث، سُئل أبي عنه فقال: صَدُوق.
          وقال إبراهيم بن سُفيان: قال لي مسلم: ليس كلُّ الصَّحيح وضعتُ هنا، إنَّما وضعتُ ما أجمعوا عليه.
          وقال الحسن بن محمَّد الْمَاسَرْجِسِيُّ: سمعتُ أبي يقول: سمعتُ مسلم بن الحجَّاج يقول: صنَّفت هذا المسند الصَّحيح مِن ثلاث مائة ألف حديث مسموعة.
          وقال مسلم بن الحجَّاج: لو أنَّ أهل الحديث يكتبون الحديث مئتي سَنَة فمَدارهم على هذا المُسند، ولقد عرضتُ كتابي هذا على أبي زُرْعة الرَّازي، وكلُّ ما أشار أنَّ له علَّة تركتُه، وما قال: هو صَحيح؛ أخرجته.
          وقال أبو يَعْلَى الخَليلي الحافظ: مسلم بن الحجَّاج القُشيريُّ صاحب الصَّحيح هو أشهر مِن أن تُذكر فضائله، رحلَ إلى العراق والحجاز والشَّام ومصر، سمع يحيى النَّيسابوري، وقتيبة بن سعيد، وإسْحاق بن رَاهَوَيه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، وعبد الله بن مَسلمة القَعْنَبِيُّ، ومسلم بن إبراهيم، وأبا بكر وعثمان ابني أبي(19) شَيْبَةَ، ومحمَّد بن بشَّار بُندَار، ومحمَّد بن المثنَّى، وخَلْقًا كثيرًا يطول ذكرهم(20)، وروى عنه إبراهيم بن محمَّد بن سُفيان المَرَضيِّ(21) الزَّاهد، وأبو محمَّد بن أحمد بن عليِّ بن الحسن بن المُغيرة بن عبد الرَّحمن الْقَلَانِسِيُّ، ولا يُروى / كَتابه إلَّا مِن طريقهما.
          وروى عنه أيضًا مَكِّي بن عَبْدَان، وأبو حامد بْن(22) الشَّرْقيُّ، ويحيى بن محمَّد بن صَاعد، ومحمَّد بن مَخْلَد، وآخرون.
          وسمع منه أبو حاتم مع جَلالته، وابنه عبد الرحمن.
          وعند تقابل هذه الفضائل يَتوقَّف في التَّرجيح بينهما كلُّ مُنصف فاضل.
          وأمَّا نكتة الْمَزِيَّةُ الموجبة للأوَّلوية فهي أنَّ مسلمًا متَّفقٌ على إمامته، مجمَعٌ على قبول قوله وحديثه، كما حكى القاضي أبو الفضل عِيَاض، وليس كذلك البخاري؛ فإنَّ أبا محمَّد بن أبي حاتم قال في البخاريِّ: إنَّ أبي وأبا [زُرعة تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى النَّيْسابُورِي أنَّه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق.
          ولما تقاصرت الهمم في هذا الزمان عن بلوغ الغايات من حفظ جميع هذا الكتاب بما اشتمل عليه من الأسانيد والروايات، أشار من إشارته غُنم، وطاعته حَتْم، إلى تقريبه على المتحفِّظ وتيسيره على المتفقِّه، بأن نختصر أسانيده، ونحذف تكراره، وننبِّه على ما تضمَّنته أحاديثه بتراجم تسفر عن معناها، وتدلُّ الطالب على موضعها وفحواها.
          فاستعنتُ بالله تعالى وبادرتُ إلى مقتضى الإشارة، بعد أن قدَّمت في ذلك دعاء النَّفع به والاستخارة، فاقتصرتُ مِن الإسناد على ذكر الصَّاحب، إلَّا أن تدعو الحاجة إلى ذكر غيره فأذكره لزيادة فائدة، وحصول عائدة، ومن تكرار المتون على أكملها مساقًا، وأحسنها سياقًا، مُلحِقًا به ما في غيره مِن الرواية، محافظًا _إن شاء الله تعالى_ على ألا أُغفِل منه شيئًا مِن مهمَّات الفوائد فإذا قلت: عن أبي هريرة _مثلًا_ وأَفْرُغ مِن مَسَاق متنه، وقلت: وفي رواية، فأعني أنَّه عن ذلك الصَّاحب المتقدِّم مِن غير ذلك الطريق، وربَّما قدَّمت بعض الأحاديث وأخَّرت حيثما إليه اضطُرِرت؛ حرصًا على ضمِّ الشَّيء لمُشاكله، وتقريبًا له على متناوله.
          وقد اجتهدتُ فيما رَويت ورأيت، ووجهَ الله الكريم قصدت، وهو المسؤول في أن ينفعني به، وكلُّ مَن اشتغل به، ويُبلِّغنا المأمول، وأن يجعلنا وإيَّاه مِن العلماء العاملين الهداة المهتدين، وهو المستعان وعليه التُّكلان، وهو حَسْبنا ونعم الوكيل]
/ . (23)


[1] في الأصل تحتمل: (الصَّحيح).
[2] في الأصل تحتمل: (تلقيبهما) مهملة.
[3] كذا في الأصل.
[4] ░4▒ (باب أيُّ الإسْلامِ أَفْضَلُ)
[5] ░5▒ (باب أُمُورِ الإيمان)
[6] في الأصل: (ومما) مكانه بياض والبياض يتسع لكثر من ثلاث كلمات.
[7] قوله: (يدي) ليس في الأصل.
[8] قوله: (لو أدركت مالكًا ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل) ليس في الأصل.
[9] في الأصل: (ثم سأله عن) مكانه بياض.
[10] قوله: (إلى) ليس في الأصل.
[11] 11# وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ☻ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلعم : أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». [خ¦12]
[12] 12# وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ☻، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ). [خ¦10]
[13] 13# وعنْ أَبِي مُوسَى ☺، قَالَ: (قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ). [خ¦11]
[14] 14# وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). [خ¦13]
[15] 15# وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ). [خ¦14]
[16] 16# وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). [خ¦15]
[17] 17# وعنه: عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ). [خ¦16] وفي رواية: (وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه).
[18] 18# وعنه: عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ). [خ¦17]
[19] 19# وعن عبد الله بن عمر: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ). [خ¦24]
[20] في الأصل: بياض قدر كلمة.
[21] في الأصل: (المروي).
[22] قوله: (ابن) ليس في الأصل.
[23] ما بين معقوفتين ليس في الأصل, مكانه بياض.