الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب: إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم

          ░21▒ قوله: (أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ) أي فجعوه، و(هَلْ يُعَاقَبُ): بلفظ المجهول.
          فإنْ قلتَ: ما مفعوله؟ قلتُ: هو مِن تنازع الفعلين في لفظ (كُلِّهِم).
          فإنْ قلتَ: ما فائدة الجمع بين المعاقبة والاقتصاص؟ قلتُ: الغالب أنَّ القِصاص يستعمل في الدم والمعاقبة المكافأة والمجازاة، فيتناول مثل مجازاة اللَّد ونحوه، فلعلَّ غرضه التعميم ولهذا فسَّرنا الإصابة بالتفجيع ليتناول الكلَّ.
          وإنَّما خصَّ الاقتصاص بالذكر ردًّا لمثل ما نُقِل عن ابن سيرين أنَّه قال في رجلٍ يقتله رجلان: يُقتل أحدهما وتُؤخذ الدية مِن الآخر.
          وعَنِ الشَّعْبِيِّ أنَّهما يدفعان إلى وليِّه فيقتل مَن شاء منهما أو منهم إن كثروا أو يعفو عن الآخر والآخرين إن كثروا، وعن الظاهريَّة أنَّه لا قود عليهما بل الواجب الدية.
          قوله: (مُطَرِّفٌ) بفاعل التطريف بالمهملة والراء، ابن طريفٍ _بالمهملة_ الكوفيُّ، و(الشَّعْبِيِّ): هو عامرٌ، و(جَاءَا) : بلفظ التثنية، (بِآخَرَ): أي برجلٍ آخر، (وَقَالا : أَخْطَأْنَا): في ذلك إذ هذا كان هو السارق لا ذاك، (فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا): أوَّلًا باعترافهما وثانيًا لأنَّهما صارا متَّهمين، و(بِدِيَةِ الأَوَّلِ): أي بدية يد الرجل الأوَّل.