مصابيح الجامع

باب من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام

          ░7▒ (إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا، فَقَدْ حَرُمَتْ (1) عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا) يعني: فإذا كانت الثلاث تحريمًا، كان التحريم ثلاثًا، وهذا غير ظاهر؛ لجواز (2) أن يكون بينهما عموم (3) وخصوص؛ كالحيوان والإنسان.
          وحاول ابنُ المنير الجوابَ عن البخاري: بأن الشرعَ عبَّرَ عن الغاية القصوى بالتحريم،وإنما يُشَبَّه (4) الشيءُ بما هو أوضحُ منه، فدل ذلك على أن الذين كانوا لا يعلمون أن الثلاثَ محرِّمَة، ولا أنها الغاية، يعلمون أن التحريم هو الغاية، ولهذا بيَّن لهم أن الثلاثَ تُحَرِّمُ (5)، فالمستَدَلُّ به في الحقيقة إنما هو الإطلاقُ مع السياق، وما من شأن العرب أن تُعبر بالخاصِّ عن العام.
          ولو قال القائل لإنسانٍ بين يديه يُعَرِّفُ بشأنه، ويُنِّبهُ على قَدرِهِ: هذا حيوان؛ لكان متهكِّمًا مُستخِفًّا.
          فإذا عبر الشرع عن الثلاث بأنها محرِّمَةٌ، فلا يُحمل على التعبير عن (6) الخاص بالعام؛ لئلا يكون ركيكًا، والشرعُ منزَّهٌ (7) عن ذلك، فإذن هما سواء، لا عموم بينهما، ويدلُّ هذا على أن التحريمَ كان أشهرَ عندهم بالغِلَظ والشدة من الثلاث، ولهذا (8) فسره لهم به(9).
          قال(10) : وهذا من لطيف الكلام، وأما كونُ التحريم قد يقصر عن الثلاث، فذلك تحريمٌ مقيَّدٌ، وأما المُطلَقُ منه، فللثلاث (11)، وفرقٌ / بين ما يُفهم لدى الإطلاق، وبين ما (12) يُفهم إلا بقيدٍ(13). انتهى.
          قلت: قوله: وما من شأن العرب أن تعبِّر (14) عن العام بالخاص، مشكلٌ (15)، اللهم إلا أن يريد: في بعض المقامات الخاصة، فيمكن، وسياقُ كلامه يُفهم ذلك عند التأمل.


[1] في (د): ((ثلاثاً فحرمت)).
[2] في (ق): ((الجواز)).
[3] في (ق): ((غموض)).
[4] في (د): ((وأنا نسبة))، وفي (ق): ((شبه)).
[5] في (ق): ((محرم)).
[6] في (د): ((على)).
[7] في (ق): ((يتنزه)).
[8] في (ق): ((فلهذا)).
[9] ((به)): ليست في (ق).
[10] في (ق): ((ثم قال)).
[11] في (ق): ((فالثلاث)).
[12] في (ق) زيادة: ((لا)).
[13] في (ق): ((مقيد)).
[14] في (ق): ((تقر)).
[15] في (ق): ((مستشكل)).