انتقاض الاعتراض

باب وقت الفجر

          ░27▒ (باب وقت الفجر)
          قال (ح) بعد أن ذكر اختلاف أصحاب قتادة في حديث أنس عن زيد بن ثابت: فهم(1) مَن جعله مِن مسند أنس، ومنهم مَن جعله مِن مسند زيد بن ثابت، والَّذي يظهر لي في وجه الجمع أن أنسًا خُصَّ بذلك(2)، لكنَّه لم يتسحَّر معهما، ولأجل ذلك سأل زيد بن ثابت عن مقدار السُّجود(3).
          قال (ع): قد خرَّج(4) الطَّحَاويُّ مِن طريق هشام عن قتادة عن أنس، وزيد بن ثابت قالا: تسحَّرنا.
          قلت: حذف بقية كلام(5) (ح) ليعترض، وهذا لفظه بعد قوله: وقت السُّحور كما سيأتي بعد.
          ثُمَّ وجدتُ ذلك صريحًا في رواية النَّسائي / وابن حبَّان، ولفظهما: عن أنس قال لي رسول الله صلعم: «يَا أَنَسُ إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَام أَطْعمْني شَيْئًا» فجئته بتمر وإناء فيه ماء، وذلك بعدَما أذَّن بلال، فقال: «يَا أَنَسُ انْظُرْ رَجُلًا(6) يَأكُلُ مَعِي» فدعوتُ زيد بن ثابت فتسحَّر معه، ثُمَّ قام فصلَّى ركعتين ثُمَّ خرج إلى الصَّلاة.
          وعلى هذا فالمراد بقوله: كم(7) بين الأذان والسُّحور، أي: أذان ابن أم مكتوم؛ لأنَّ بلالًا كان يؤذن قبل الفجر، والآخر يؤذِّن إذا طلعَ، وأمَّا مَّا ادَّعى أنَّ الطَّحَاويَّ رواه فهو غلط منه، وإنَّمَا رواه الطَّحَاويُّ كما رواه غيره مِن الأئمَّة، فقد أخرجه أحمدٌ والبُخاريُّ ومسلمٌ والدَّارمِيُّ والطيالسيُّ والترمذيُّ والنَّسائيُّ وأبو عَوَانة وابنُ خُزَيمة وابن ماجه كلُّهم مِن طريق هشام عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال: تسحَّرنا، فالقائل: تسحَّرنا، هو زيد بن ثابت، لا أنسٌ.
          وكأنَّ (ع) وقعت له نسخة عن قتادة عن أنس وزيد بن ثابت تحرَّفت «عن» إلى «الواو»، فلم يتأمَّل لما ظفر بشيء يعترض به فصار هو المعترض عليه.


[1] في (س) و(د): ((فمنهم)).
[2] في (د) و(س): «ذلك».
[3] في (د) و(س): «السحور».
[4] في (س): «أخرج».
[5] قوله: «بقية الكلام» هي في الأصل ولكن الناسخ شطبها وألغاها.
[6] في (س): «رجلُ».
[7] في (س) و(ظ): «لم».