مصابيح الجامع

باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته

          ░27▒ (باب نَهْيِ النَّبِيِّ صلعم على (1) التَّحْرِيمِ، إِلَّا أن تُعْرَف إِبَاحَتُهُ) صيغة النَّهي ترد لسبعة محامل:
          التحريم، مثل: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء:33].
          والتنزيه، مثل: ((لا يمسِكَنَّ (2) أحدُكُمْ ذكرَهُ بيمينِهِ وهو يبُولُ)).
          والدعاء، نحو: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا (3) } [آل عمران:8].
          والإرشاد، نحو: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101].
          وبيان العاقبة، نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران:169].
          والتحقير، نحو: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه:131].
          واليأس، نحو: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} [التحريم:7].
          وهل الصيغة حقيقة في التَّحريم، أو الكراهة (4)، أو مشتركة بينهما، أو موقوفة؟ فيه خلاف، والمختار _كما أشار إليه_: أن النهي للتحريم، وقد استدلَّ عليه بقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7].
          ووجه الاحتجاج: أنه أمرٌ بالانتهاء عن النهي، والأمرُ للوجوب، فكان الانتهاء عن (5) المنهي واجباً، وذلك هو المراد من قولنا: النهي للتحريم.
          قال بعضُ المتأخرين: ولقائل أن يقول: هذا أولاً (6) لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر للوجوب.
          وثانياً: أن التحريم حينئذٍ لا يكون مستفاداً من صيغة النهي، بل بما دلَّ عليه من خارج، وهو قوله: {فَانْتَهُوا}، بل قد يقال: لو كان النَّهي للتحريم، لما احتيج إلى الأمر باجتناب المنهي عنه، فكان الأمر بذلك دليلًا على أنَّ التحريم (7) غيرُ مكتسب منه.


[1] في (ف): ((عن)).
[2] في (ج) و(ف): ((لا يمسن)).
[3] في (ق) زيادة: (({بعد إذ هديتنا})).
[4] في (ق): ((والكراهة)).
[5] ((النهي والأمر للوجوب فكان الانتهاء عن)): ليست في (ج) و(ف).
[6] ((أولاً)): ليست في (ف).
[7] في (ق): ((دليل على التحريم))، ((أن التحريم)): ليست في (ف).