مصابيح الجامع

باب من رأى ترك النكير من النبي حجة لا من غير الرسول

          ░23▒ (بَابُ مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ (1) مِنَ النَّبِيِّ صلعم حُجَّةً، لاَ مِنْ غَيْرِه) فيه أمران ينبغي التَّنبيه عليهما(2) :
          أحدهما: أن سكوته ◙ على ما يقع بمرأًى (3) منه ومسمع، من غير إنكارٍ منه، لا شكَّ في أنه حجة؛ لأنه لا يُقِرُّ على باطل، لكن هل هو مخصوصٌ بسكوتٍ يلزمُ منه مفسدةٌ لو لم يكن السكوتُ عليه حلالًا، أو هو (4) عام في ذلك، وفيما لا يلزم من السكوت عليه وقوعُ مفسدة؟ فيه نظر للشيخ تقيِّ الدينِ بنِ دقيقِ العيد.
           (ومثاله) طلاقُ الملاعِنِ زوجتَه ثلاثاً بعدَ فراغ اللعان، وسكت عليه النبيُّ ╕، هل (5) يكون سكوتُه دليلًا على جواز إرسال الثلاثِ حيث يعتبر، وذلك في المنكوحة، أو لا دليل فيه هنا؛ لأن المطلِّق أرسلَ الثلاثَ (6) ظانًّا بقاء النكاح، والنبي صلعم يعلم أنها بانت منه باللعان، وأن هذا الكلام لغو؟.
          الثاني قوله: ((لا من غيره)) فيه (7) نظر؛ فإنه إذا أفتى واحد في مسألة تكليفيَّة، وعرفَ به أهلُ الإجماع، وسكتوا عليه، ولم ينكره أحد، ومضى قدرُ مهلةِ (8) النظر في تلك الحادثة عادةً، وكان ذلك القول المسكوت عليه واقعاً في محلِّ الاجتهاد، فالصَّحيح: أنه حجَّة.
          وهل هو إجماع، أو (9) لا؟ فيه خلاف.
          قالوا: والخلافُ (10) لفظي، وعلى الجملة: قد تصورنا في بعض الصور أن ترك النكير (11) من غير النبي صلعم حجَّة(12).


[1] في (م) و(ج) و(ف): ((التكبير)).
[2] في (ف): ((عليها)).
[3] في (ج) و(ق): ((بمرأ)).
[4] في (ف): ((وهو)).
[5] في (ق): ((فهل)).
[6] في (ف): ((ثلاثاً)).
[7] ((فيه)): ليست في (ق).
[8] في (ف): ((مهملة)).
[9] في (ق): ((أم)).
[10] ((والخلاف)): ليست في (ف).
[11] في (م) و(ج) و(ف): ((التكبير)).
[12] ((حجة)): ليست في (ق).