مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الميم مع الياء

          الميم مع الياء
          1258- قوله: «أماثَتْه» [خ¦5182] قال بعضُهم: الصوابُ: «ماثَتْه»؛ أي: حلَّتْه ومرَسَتْه؛ يريدُ التَّمرَ في الماءِ، وأنكرَ الهمزةَ، ولم يذكُرْ صاحبُ «الأفعال» إلَّا الثلاثيَّ، وحكى ثابتٌ عن أبي حاتمٍ: من قال: أماثَ فقد أخطَأَ، وحكى الهَرَويُّ: مِثتُ وأمثتُ، وقال ابنُ دريدٍ: مِثتُ أَميثُ، ومُثتُ أموثُ مَيثاً ومَوثاً، قال يعقوبُ: ومَوْثاناً، ولم يذكُروا أماثَ.
          و«مِيثَرةُ الأُرجُوانِ» الميمُ زائدةٌ، وأصلُها الواوُ من الشَّيءِ الوثيرِ، وسيأتي في الواو.
          1259- و«إماطة الأذى» [خ¦2631]، و«أُميطت يدُه»، و«مِطْ عنَّا»، والكلُّ بمعنى التَّنحيةِ والإزالةِ، [وانْمَاطَ: تباعَدَ، وماطَ هو وأماطَ غيرَه].
          1260- وقوله: «مائلاتٌ مُميلاتٌ»؛ أي: زائغاتٌ عن الطَّاعةِ، مميلاتٌ غيرهنَّ عنها، وقيل: مائلات مُتَبخْتِراتٍ في مشيَتِهنَّ، مُميلاتٍ لأكتافِهنَّ، مترجِّحاتٍ متعطِّفات، أو مُميلاتٍ لقلوبِ الرِّجالِ بتبختُرِهنَّ وما يُبدينَ من زينَتِهنَّ، وقيل: يَمْشُطْنَ المَيْلاءَ، وهي مِشْطَةُ البغايا، يُمِلْنَ فيها العقاصَ، ومُميلاتٍ: يمشُطْنَها لغيرِهنَّ، وقيل: يجوزُ أن يكونَ اللفظانِ بمعنى التَّأكيدِ والمبالغةِ، كما قالوا: جادٌّ مُجِدٌّ، وقيل: مائلاتٌ للرِّجالِ، مُميلاتٌ لهم إليهنَّ.
          1261- قوله: «على مائدةِ رسولِ الله صلعم» [خ¦2575] هي الخِوانُ إذا كان عليها طعامٌ، وقال أبو حاتمٍ: هو اسمٌ للطَّعامِ نفسِه، قاله ابنُ قتيبةَ، وقد اختُلِفَ في المائدةِ المنْزَلةِ على هذا.
          وقوله: «ما أكلَ رسولُ الله صلعم / على مائدةٍ قطُّ» يدلُّ على أنَّ المائدةَ التي أكلَ عليها الضَّبَّ عنى بها السُّفرةَ وغيرها ممَّا يُصانُ به الطَّعامُ عن الأرضِ، واشتقاقُ المائدةِ من مأدتُهم، أو من: مادَ يميدُ.
          1262- قوله: «ولا تُنقِّثُ مِيرَتَنا» [خ¦5189]؛ أي: طعامَنا، والمِيرةُ أيضاً ما يَمْتَارُه البدويُّ [من ذلك] من الحاضِرةِ، ومنه: «ومِيرِي أهلكِ». [خ¦5189]
          وقوله: «دُلوكُ الشَّمسِ: ميلُها» عن الاستواءِ للزَّوالِ، ساكنةُ الياءِ المصدرُ، وبالفتحِ الاسمُ، وبالسُّكونِ رويناه، وقد قالوا فيما ليس بجسمٍ بالإسكانِ، وفيما هو جسمٌ بالفتحِ، ومنه: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ}[النساء:129].
          وفي الحديثِ الآخرِ: «والعشِيُّ ميلُ الشَّمسِ» [خ¦3246]، كذا للأصِيليِّ، ولغيرِه: «تَصْفَرَّ الشَّمسُ».
          1263- قوله: «إلا إمَّاعَ»؛ أي: سالَ وجرى، وأصلُه «انْماعَ» [خ¦1877]، وكذا رواه بعضُهم، فأدغِمتِ النُّونُ، كما قالوا في الرِّوايةِ الأخرى: «ذاب».
          وقوله: «تُدنى الشَّمسُ من الخلائقِ كمِقدارِ مِيلٍ» [إن كان الذي يُكتَحَلُ به _وهو المِرْوَدُ_ فمعلومٌ، وإن كان المسافةَ فهو عشرُ غِلاءٍ من جريِ الخيلِ، وهو ألفُ باعٍ من أبواعِ الدَّوابِّ، وهي ألفا ذراعٍ، وقيل: ثلاثةُ آلافِ ذراعٍ وخمسُ مئةِ ذراعٍ].
          «كأسنِمةَ البُخْتِ المائلةِ»، كذا الرِّوايةُ بغيرِ خلافٍ، قال الوَقَّشِيُّ: صوابُه: «الماثلةِ»؛ أي: المنتصِبةِ، والصَّوابُ: «المائلة»، ويعضُدُه قولُ من قال: «مُمِيلات» أنَّهنَّ يمشُطْنَ المِشطَةَ الميلاءَ، وكما قال امرؤ القيس(1) :
غَدائرُه مُستَشْزَراتٌ إلى العُلا                     .....................
          وإذا جمعتَها هنالك وكثَّرتها فقد تميلُ كما تميلُ أسنمةُ البُخْتِ إلى إحدى الجهاتِ، عندَ كِبَرِها وسِمَنِها، وناقةٌ ميلاءٌ؛ أي: مال سَنامُها إلى أحدِ جانبَيها.


[1] وتمامه كما في ديوانه ص43:
~..................                      تَضِلُّ العِقاص في مُثنَّى ومُرْسَلِ