مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الميم والطاء

          الميم والطَّاء
          1214- «مُطِرْنا بنَوءِ كذا» [خ¦846]، مَطَرتِ السَّماءُ وأمطَرَتْ بمعنًى واحدٍ، وحكى بعض المفسِّرين: مطَرَتْ في الرَّحمةِ، وأمطَرَتْ في العذابِ؛ لأنَّهم وجدوه كذا في القرآنِ في مواضعَ، والصَّحيحُ أنَّهما بمعنًى؛ ألا تراهم: {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} [الأحقاف:24] وإنَّما ظنُّوه مطرَ رحمةٍ، فقيل لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأحقاف:24].
          قولُ البخاريِّ: «مَن تَمَطَّر في المطرِ حتَّى تحَادرَ على لِحيَتِه» [خ¦15/24-1636]؛ أي: تطلَّب نزولَ المطرِ عليه، فهو تفعَّل من لفظ المطرِ مثلُ: تصبَّرَ، وقد يكون من قولهِم: ما مَطَرني بخيرٍ؛ أي: ما أعطانيه، والمُستمطِرُ: طالبُ الخير.
          وقوله: «تظَلُّ جيادُنا مُتمَطِّراتٍ»؛ أي: سِرَاعاً تمرَحُ(1) وتسابقُ.
          1215- «ثمَّ تمطَّيتُ» [خ¦6316] غيرُ مهموزٍ، ووقَع في الأصلِ: «تمطَّأتُ» [خ¦3998] مهموزاً، وهو وهمٌ من الكَتَبة، والتَّمطِّي التَّمدُّد، ويقال: مطَطْتُ الشَّيءَ ومدَدْتُه بمعنًى، وقيل: هو من المَطَا؛ وهو الظَّهْرُ، هذا قولُ الأصمَعيِّ؛ كأنَّ التَّمطِّي مدُّ المَطَا، وقيل أيضاً: مَطَوتُ بمعنى مدَدْتُ، وهذا يدلُّ على أنَّ الطَّاءَ غيرُ مُبدَلةٍ من الدَّال، قلت: وعندي أنَّها غيرُ مُبدَلةٍ، إنَّما يقال: مطَّ ومدَّ لغتان، ثمَّ أُبدِل من الطَّاء في تمَطَّى بأصله تمطَّطَ، اجتمعت ثلاثُ طاءاتٍ، / كما قالوا تَظنَّى وتقضَّى، من تقضَّضَ وتظنَّنَ، ومطُّ الشَّيءِ مدُّه.
          وقوله: «يَتَمَطَّط، يعني: الطِّلاء(2)»؛ أي: يتمدَّد لا ينقطعُ بعضُه من بعضٍ لالْتحامِه.


[1] في (ن): (تموج).
[2] ضرب في (س) على قوله: (يعني الطلاء).