مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الميم مع الهاء

          الميم مع الهاء
          1247- قوله: «مَهْ مَهْ» كلمةُ زجْرٍ، قيل: أصلُه: ما هذا، ثمَّ حُذِفَ استِخْفافاً، تقالُ مكرَّرةً ومفرَدةً، ومثلُه: «بَهْ بَهْ» وقال [بعضُهم وهو] يعقوبُ: هي لتعظيمِ الأمرِ كـــ«بَخٍ بَخٍ»، وقد ينوَّنُ مع الكسرِ، وينوَّنُ الأوَّلُ ويكسَرُ الثَّاني دونَ تنوينٍ.
          قوله: «مَهْ إنَّكُنَّ صواحبُ يوسُفَ» [خ¦679] زجرٌ وإسكاتٌ.
          وقولُ ابن عمرَ: «فمَهْ، أرأيتَ إنْ عجَز» يحتملُ الزَّجْرَ، ثمَّ استأنفَ، ويحتملُ أن تكونَ «ما» التي للاستفهامِ، وقفَ عليها بالهاء؛ أي: فأيُّ شيءٍ يكونُ حكمُه إن عجَزَ وتحامَقَ؛ أَمَا يلزمُه الطَّلاقُ.
          وقوله في حديثِ موسى: «ثمَّ مَه؟» على الاستفهامِ؛ أي: ثمَّ ما يكونُ؟، وقوله في حديثِ نافق / حنظلةُ: «قال: مَهْ؟»؛ أي: ما تقولُ؟ على الاستفهامِ، [ويحتملُ] الزَّجرَ عن قولِه هذا.
          وقوله: «فقالت الرَّحِمُ: مَهْ، هذا مقامُ العائذِ بكَ» [خ¦4830] هذا زجْرٌ، ولكنَّه مصروفٌ إلى المستَعاذِ منه، وهو القاطِعُ، لا إلى المستَعاذِ به سبحانَه، وقيل: هو في الحقيقةِ ضَرْبُ مَثَلٍ واستعارةٌ، إذ الرَّحِمُ معنًى؛ و [هو] اتِّصالُ القُربى بين أهلِ النَّسبِ في أمٍّ أو أبٍ، وإذا كان هذا لم يحتجْ إلى تأويلِ «مه».
          1248- و«الماهرُ بالقرآن» [خ¦97/52-11115] هو الحاذِقُ به، يقال: مَهَرَ بالشَّيءِ مهارةً: أحكَمَه، قال القاضي: وأصلُه من السِّباحةِ، فهو سبح في الماءِ.
          وقوله: «ما أمْهرَها؟» [خ¦947]؛ أي: ما جعل صَداقَها، والمهْرُ: الصَّداقُ، ويقال: مهَرَها وأمهرَها، وأنكرَ أبو حاتمٍ أمهرَ إلَّا في لغةٍ ضعيفةٍ، وصحَّحهاأبو زيدٍ، وهذا الحديثُ دليلٌ عليه.
          1249- قوله: «إنَّما هو للمــهلةِ» [خ¦1387] رويناه بالفتحِ والكسرِ والضَّمِّ، إلَّا أنَّ روايةَ يحيى بالكسرِ، وروايةَ ابن أبي صُفْرةَ: بالفتحِ، قال الأصمعيُّ: بالفتحِ هو الصَّديدُ، وحكى الخليلُ فيه الكسرَ، وقال ابنُ هشامٍ: بالضَّمِّ، قال: وهو الصَّديدُ، ورواه أبو عبيدٍ: «إنَّما هو للمُهْلِ والتُّرابِ»، وفسَّره أبو عمرٍو(1) وأبو عبيدةَ بالقيح والصَّديدِ، وأنكرَ ابنُ الأنباريِّ كسرَ الميمِ، وقال أبو عمرَ: لا وجهَ للكسرِ غيرَ الصَّديدِ.
          وقوله: «على مَهَلَتِهم»؛ أي: على تُؤَدَةٍ وغيرِ استعجالٍ لحفْزِ العدوِّ لهم، وقيل: على تقدُّمِهم، ورواه بعضُهم بسكونِ الهاءِ (2).
          وقوله: «مَهْلاً» [خ¦6024]؛ أي: رِفقاً، وزعمَ بعضُهم أنَّها «مَهْ» زيدَتْ عليها لا.
          1250- قوله: «ثوبَي مهنَتِهِ» بالكسرِ والفتحِ؛ أي: خدمتِه وتبذُّلِه، وأصلُها العملُ باليدِ، والمَهَنة: جمعُ ماهِنٍ، وهو الخادِمُ، و«كانوا مَهَنةَ أنفُسِهم» [خ¦903]؛ أي: يباشِرونُ خدمةَ أموالِهم، وقولها: «في مِهْنةِ أهلِه» [خ¦676]؛ أي: عملِهم وخدمتِهم وما يصلِحُهم، وقوله: «فبعَثوا الرِّكابَ وامتَهَنوا» [خ¦2890]؛ أي: خدَموا أصحابَهم.
          1251- و«الأمْهَق» [خ¦3548] الأبيضُ الذي لا يشوبُ بياضَه حُمْرةٌ ولا صُفْرةٌ ولا سُمْرةٌ ولا إشْراقٌ / لبياضٍ كبياضِ المَرَضِ، وقال الخليلُ: المَهَقُ: بياضٌ في زُرْقَةٍ، وقد وقع في البخاريِّ في بعضِ رواياتِ المَروزيِّ: «أزهرُ اللَّونِ أمْهَقُ»، وهو وهمٌ؛ لأنَّ الأزهرَ غيرُ الأمهقِ.
          ورأيتُ في نسخةٍ لابن السَّكَنِ: «أزهَر اللَّونِ أمْعَر» بالعينِ مهملةً، ولم أروِه، ولكنِّي رأيتُه.
          وجاء في بعضِ الرِّواياتِ: «ليس بالأبيضِ ولا بالآدمِ» وهو غلَطٌ أيضاً، وصوابُه: «ليس بالأبيضِ الأمهقِ» [خ¦5900]، كما عند الجُرجانيِّ.
          1252- وقوله: «مَهْيَم» [خ¦2049] وهي كلمةٌ يمانيةٌ معناها: ما هذا؟، أو ما شأنُكَ؟، وجاء للقابِسيِّ وبعضِ نسخِ النَّسفيِّ وأبي ذرٍّ في هذا الحرفِ في حديثِ سارةَ «مَهْيا» [خ¦3358]، والأوَّلُ هو المعروفُ، ولابن السَّكَنِ والنَّسفيِّ أيضاً: «مَهْيَن» بالنُّون، وفي بعضِ النُّسَخِ عن أبي ذرٍّ: «مهياً» بالتَّنوينِ، وكلُّه تغييرٌ وقعَ في الاستِملاءِ إلَّا الأوَّلَ.


[1] في (س): (عبيد).
[2] بهامش (س): حاشية: جاء في شرح مسلم في فضائله صلعم في باب شفقته صلعم: «فانطلقوا على مهلتهم» بضم الميم وبتاء بعد اللام. قال النووي: وفي [الجمع بين] الصحيحين: « على مهلهم» بفتح الميم والهاء [وهما صحيحان] والله أعلم. انتهى ما بين معقفين زيادة من «شرح مسلم».