التلويح شرح الجامع الصحيح

باب فضل العمل في أيام التشريق

          ░11▒ (بابُ فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ)
          (وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّام العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ).
          كذا في نسخ الصحيح، والتلاوة: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة:203].
          قال عبد بن حميد في «تفسيره»: حَدَّثَنا قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن عمرو بن دينار سمعت ابن عباس يقول: اذكروا الله في أيامٍ معدوداتٍ، الله أكبر، اذكروا الله في أيام معلوماتٍ، الله أكبر، قال: الأيام المعدودات أيام التشريق، والأيام المعلومات العشر.
          (وَكَانَ ابنُ عُمَرَ / وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي الأَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرونِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا).
          قال الشافعي: حَدَّثَنا إبراهيم بن محمد: أخبرني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: «أَنَّهُ كَانَ يَغْدُو إِلَى المُصَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ المُصَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ بِالمُصَّلى حَتَّى إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ تَرَكَ التَّكْبِيرَ». زاد في «المصنَّف»: «ويرفعُ صوتَه حَتَّى يبلغَ الإمامَ».
          قال البيهقي: ورواه عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا إلى النبي صلعم في رفع الصوت بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلَّى، ورُوِي في ذلك عن عليٍّ وغيره مِن أصحاب النبي صلعم.
          (وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ) محمد هذا أبو جعفر محمد بن علي بن حسين الباقر، وقال السَّفَاقُسيُّ: لم يتابع محمدًا على هذا أحد، وعن بعض الشافعية: يكبِّر عقيب النوافل والجنائز على الأصح، وعن مالك قولان، والمشهور أنه مختص بالفرائض.
          قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: وهو قول الشافعي، وسائر الفقهاء لا يرون التكبير إلا خلف الفريضة.
          وفي «الإشراف» التكبير في الجماعة مذهب ابن مسعود وبه قال أبو حنيفة، وهو المشهور عن أحمد، وقال أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي: يكبِّر المنفرد، والصحيح مِن مذهب أبي حنيفة أن التكبيرَ واجب، وفي «قاضي خان»: سُنَّة.
          اختلف السلف في الأيام المعدودات والمعلومات: فالأيام المعلومات العشر، والمعدودات أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهو قول أبي حنيفة، رواه عنه الكرخيُّ في «المختصر»، وهو قول الحسن وقتادة.
          ورُوِيَ عن علي وابن عمر أن المعلومات هي ثلاثة أيام النحر، والمعدودات أيام التشريق، وهو قول أبي يوسف ومحمد، سميت معدودات لقلَّتهنَّ، ومعلوماتٍ لحرص الناس على علمها، لأجل فعل المناسك في الحج، وقال الشافعي: مِن الأيام المعلومات النحر، ورُوِيَ عن علي وعمر: يومُ النحر ويومان بعده، وبه قال مالك، قال الطحاوي: وإليه أذهب، لقوله تعالى: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ في أيام معلومات عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ). وهي أيام النحر، وسُمِّيَتْ معدودات لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة:203]. وسميت أيام التشريق معدودات، لأنه إذا زيد عليها في البقاء كان حصرًا لقوله / صلعم: «لا يَبْقَيَنَّ مُهَاجرِيٌّ بمكةَ بعدَ قضاءِ نُسُكِهِ فوقَ ثلاثٍ».