التلويح شرح الجامع الصحيح

باب يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب

          ░28▒ (بابٌ يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ القَوْمَ، وَاسْتِقْبَال النَّاسِ الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ)
          وَاسْتَقْبَلَ ابنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ الإِمَامَ.
          قال البيهقي: قال أخبرنا أبو الحسن المهرجاني حَدَّثَنا أبو سهل الإسفراييني: حَدَّثَنا حمزة بن محمد الكاتب: حَدَّثَنا نعيم بن حماد: حدَّثنا ابن المبارك [عن معمر عن الزهري قال: كان رسول الله صلعم إذا أخذ في خطبته استقبلوه بوجوههم حتى يفرغ منها، قال: وحدثنا ابن المبارك] قال: قال أبو الجويرية: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذَا أَخَذَ الإِمَامُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي الخُطْبَةِ يَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ.
          وقال في «المصنف»: حَدَّثَنا عبد الصمد عن المستمر بن الريان قال: رَأَيْتُ أَنَسًا فذكره.
          وأما التعليق عن ابن عمر فقال البيهقي: حَدَّثَنا أبو بكر بن الحارث: أخبرنا أبو محمد ابن حيَّان: حَدَّثَنا إبراهيم بن محمد بن الحسن: حَدَّثَنا أبو عامر: حَدَّثَنا الوليد بن مسلم قال: ذكرتُ للَّيث فأخبرني عن ابن عجلان عن نافع أن ابن عمر «كَانَ يَفْرُغُ مِنْ سُبْحَتِهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ، فَإِذَا خَرَجَ / لَمْ يَقْعُدِ الإِمَامُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ».
          وعند الترمذي مضعَّفًا _قال: ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلعم شيء_ عن ابن مسعود: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا اسْتَوَى عَلَى المنْبَرِ اسْتَقْبَلْنَاهُ بِوُجُوْهِنَا».
          وعند أحمد بن حنبل من حديث سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ بسند لا بأس به مرفوعًا: «احْضُرُوا الجُمُعَةَ، وَادْنُوا مِنَ الإِمَامِ».
          وعند ابن ماجه عن عدي بن ثابت عن أبيه: «كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا قَامَ عَلَى المِنْبَرِ، اسْتَقْبَلَهُ أَصْحَابُهُ بِوُجُوهِهِمْ» زاد ابن الأثير: قال ابن ماجه: وأرجو أن يكون متصلًا، وذكره في «المغني»: عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده. انتهى.
          ليس في ابن ماجه إلا ما قدمناه عنه، ولا ذكره أيضًا ابن عساكر في «الأطراف»، ولا غيره فَيُنظر.
          وفي «المبسوط»: كان أبو حنيفة إذا فرغ المؤذن من أذانه أدار وجهه إلى الإمام، وهو قول شريح وطاوس ومجاهد وسالم والقاسم وزاذان وعمر بن عبد العزيز وعطاء، وبه قال مالك والأوزاعي والثوري وسعيد بن عبد العزيز وابن جابر ويزيد بن أبي مريم والشافعي وأحمد وإسحاق، قال ابن المنذر: وهذا كالإجماع.
          وفي «المغني» رُوِيَ عن الحسن: أنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإمام، وكان سعيد بن المسيب لا يستقبل هشامَ بن إسماعيل إذا خطب، يوكل به هشامٌ الشُّرَطَ تَعطِفه إليه.
          وفي «سنن الأثرم» عن مطيع أبي يحيى المزني عن أبيه عن جده قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا قَامَ عَلَى المِنْبَرِ، أَقْبَلْنَا بِوُجُوْهِنَا إلَيْهِ».
          وعند ابن أبي شيبة: أخبرنا هُشَيْمٌ أخبرنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري بإسناد لا أحفظه قال: «كَانُوا يَجِيئُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَيَجْلِسُونَ حَوْلَ المِنْبَرِ، ثُمَّ يُقْبِلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم بِوُجُوهِهِمْ».
          وكأنَّ البخاري استنبط من حديث الباب وهو: (جَلَسَ النَّبِيُّ صلعم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ) استقبال الإمام الناس، واستنبط الماوردي وغيره من هذا أن الخطيب لا يلتفت يمينًا ولا شمالًا حالة الخطبة وصلاته على سيدنا رسول الله صلعم فإن ذاك الفعل باطل ولا أصل له، قال في «شرح المهذب»: اتفق العلماء على كراهة ذلك، وهو معدود في البدع المنكرة خلافًا لأبي حنيفة فإنه قال: يلتفت يمنةً ويسرة كالأذان، فإن خالف الخطيب السنة وخطب مستقبل القبلة ومستدبر الناس صحت خطبته مع الكراهة، وحكى الشاشي وجهًا شاذًّا أنه لا يصح، قَالَ ابنُ التِّيْنِ: فإن خطب بجماعة تنعقد بهم الجمعة، ثم أتى من فاته حضور الخطبة فصلاته صحيحة، وعن عطاء ومكحول ومجاهد وطاوس فاتته الجمعة بفواته / الخطبة، وفرضه أن يصلي أربعًا.
          حديث أبي سعيد [خ¦921] يأتي إن شاء الله تعالى في الزكاة.