التنبيهات المجملة على المواضع المشكلة

حديث: فيما سقت السماء والعيون

           ░22▒ ومنها: ما ذكر البخاريُّ في كتاب «الزكاة» عقيب حديث ابن عمر: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ...» الحديث.
          قال: هَذَا تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْأَوَّلِ _يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ_ وَفِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَبَيَّنَ فِي هَذَا وَوَقَّتَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى المُبْهَمِ إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ، كَمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ، وَقَالَ بِلَالٌ قَدْ صَلَّى، فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلَالٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الْفَضْلِ.
          قلت: المشهور في الرِّوايات أنَّ الذي نفى كون النَّبيِّ صلعم صلَّى داخل الكعبة أسامة بن زيد ☻، وعنه روى عبد الله بن عبَّاس ذلك.
          وأما رواية الفضل فرواها محمَّد بن سعد، في كتاب «الطبقات»، قال: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ أَخيْهِ الْفَضْلِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلعم دَخَلَ الْبَيْتَ / فَكَانَ يُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو وَلَا يَرْكَعُ»، وموسى بن داود هذا، هو في خبر طرسوس، أخرج له مسلم ووثَّقه(1) ، وقال فيه أبو حاتم الرازيُّ: في حديثه اضطراب.
          وروى هُشيم [عن](2) ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر ☻ قال: دخل النَّبيُّ صلعم البيت ومعه الفضل بن عباس، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة، وبلال...؛ فذكر الحديث.
          وخالفه خالد بن الحارث، فرواه عن ابن عون، ولم يذكر الفضل بن عبَّاس، أخرجه مسلم، ولم يأت أن الفضل كان معهم يومئذٍ، إلَّا في رواية هُشيم وقد قيل فيها: إنَّها شاذَّة، لكن في كلام البخاريِّ المتقدِّم ما يقتضي تصحيح رواية موسى بن داود المتقدِّمة، وأنَّ الفضل كان معهم، والله أعلم.


[1] في الأصل: ((ووُثِّقَ)).
[2] زيادة لا بدَّ منها.