التنبيهات المجملة على المواضع المشكلة

حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا

           ░20▒ ومنها: ما روى البخاريُّ في «التفسير» من «صحيحه»، من طريق سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنةَ، عنِ الزُّهْرِيِّ عن أَبِي إِدْرِيسَ الخولانيِّ، عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ☺ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: «أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَلَّا تُشْرِكُوا(1) بِالله شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ؛ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ...» الحديث.
          وهو كذلك أيضًا عند مسلم من طريق معمر، عن الزُّهريِّ قال فيه: فتلا علينا آية النساء. وقال البخاريُّ في طريقه المتقدِّمة: وأكثر لفظ / سفيان: قرأ الآية.
          ووجه الإشكال في هذا أنَّ هذه البيعة هي بيعة العقبة الأولى مع الاثني عشر من الصَّحابة الأنصار، وقد أخرجاه في «الصَّحيحين» من طريق عبد الرحمن بن عُسيلة الصُّنابِحي، عن عبادة ☺ أنَّه قال: إنِّي لمن البعث الذين بايعوا رسول الله صلعم ، بايعناه على ألَّا نشْرِكَ بالله شيئًا...؛ وذكر نحوه.
          وأخرجه مسلم أيضًا من حديث أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة ☺ ، وفيه: أخذ علينا النَّبيُّ صلعم كما أخذ على النساء ألَّا نُشْرِكَ بالله شيئًا...؛ وذكر بقيَّته.
          فهذه البيعة الأولى، كانت قبل الثانية، وفي ليلة العقبة الثانية شرط عليهم أن يمنعوه ممَّا منعوا منه أزرهم؛ يعني: نساءهم، ثم فُرِضَ القتال بعد ذلك لما نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} الآية [الحج:39] ، فإذا عُرِفَ ذلك؛ فآية بيعة النساء التي في الممتحنة مدنيَّة بالاتِّفاق، إنما نزلت بعد قصة الحديبية في سنة ستٍّ، فكيف يتصور أن تتلى في بيعة(2) العقبة الأولى قبل الهجرة بأزيد من عامين ؟!.
          وقد يمكن تأويل الرِّواية المتقدمة، على أنَّ الذي اشترطه النَّبيُّ صلعم تلك الليلة، يشبه ما في آية بيعة النساء، لكن قول الراوي: وتلا الآية، يُبْعِدُ هذا التأويل، والله أعلم.(3)


[1] في الأصل: ((يشركوا))، وكذا الفعلان اللاحقان بياء الغيبة.
[2] زيد في الأصل: ((في)).
[3] انظر كلام ابن حجر في الفتح، ففيه توسع وتوجيه لطيفان.