تعليقة على صحيح البخاري

باب: إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي

          ░4▒ (بَابٌ: إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ صلعم وَلَمْ يُصَرِّحْ؛ نَحْوَ قَوْلِهِ: السَّامُ عَلَيْكم(1)).
          واختلف العلماء فيمن سبَّه، عن مالك: أنَّ من سبَّه من اليهود والنَّصارى قُتِل، إلَّا أن يسلم، وأمَّا المسلم؛ فيقتل بغير استتابة، وهو قول أحمد والشَّافعيِّ، وقال أبو حنيفة: من سبَّه؛ فقد ارتدَّ، ومن رأى قتله بسبِّه؛ لأنَّه نقض العهد الذي حقن دمه به، فلمَّا تعدَّى عهده إلى حال كفره؛ يقتل إلَّا أن يسلم، فإذا أسلم؛ ارتفع المعنى الذي مِن أجله وجب قتله.
░4▒ (بَابٌ...) الحديث.
          الأنبياء ‰ شيمتهم الصَّبر على الأذى، وكذلك / أمروا، قال الله تعالى لنبيِّه: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] ، وذكر القرطبيُّ أنَّه ◙ هو الحاكي وهو المحكيُّ عنه، وكأنَّه أوحي إليه بذلك قبل وقوع قصَّة أحد، ولم يعيِّن له ذلك النَّبيُّ، فلمَّا وقع له ذلك؛ تعيَّن أنَّه المعنيُّ بذلك، ومن سبَّ أحدًا من الصَّحابة؛ جُلِد، وإن سبَّ عائشة؛ قُتِل؛ لقوله تعالى: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} [النور:17] ، فإن عاد لمثله؛ كفر، ومن كفر؛ قُتِل، وفي سبِّ أمهات المؤمنين غير عائشة قولان؛ أحدهما: أنَّه يُقتَل؛ لأنَّه آذى النَّبيَّ صلعم بسبِّ الحليلة، وقيل: يُحَدُّ حدَّ المفتري.


[1] كذا في رواية أبي ذرٍّ عن الحموي والمستملي، وفي «اليونينيَّة»: (عليك).