تعليقة على صحيح البخاري

باب قول المريض: قوموا عني

          ░17▒ (بَابُ قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّي).
          فيه من الفقه: أنَّ المريض إذا اشتدَّ به المرض؛ يجوز أن يقول لزوَّاره: قوموا عني، ويأمرهم بالخروج؛ لينفرد بألطافه، ذلك ليس بجفاء منه، بل الجفاء منهم: هو طول الجلوس عنده إذا اشتدَّ مرضه، والصَّواب لهم تخفيف القعود عنده.
          قوله: (ائْتُونِي بِكِتَابٍ): يحتمل أن يكون على جهة طرح المسائل عليهم؛ ليختبرهم، لا على عزيمة وإلزام، فلمَّا طرح عليهم هذا السُّؤال؛ نظر أهل الفقه والفطنة؛ فقالوا: حسبنا كتاب ربِّنا، فما كان من حادثة لجؤوا إليه؛ ليستنبطوا منه حكمها، وامتنعوا أن يختاروا أن يكتب لهم حدًّا؛ لعلمهم بقلَّة استقرار النَّاس مع التَّحديث، وهذا من دقَّة الفقه، ونظر ◙ إلى الطَّائفة الأخرى التي دون هذه في الفقه، فعلم مبلغ إدراكها، وتركه أن يكتب جوابًا لهم، واختار إلى رأيه والمنع من الكتابة، ودليل ذلك: أنَّ قوله ◙: «ائتوني بكتاب»، لو كان عَزَمَهُ لَمَا ترك أن يكتب، ولا منعه اختلافهم.
          (اللَّغَط): الصَّوت والجلبة.