الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن

          ░102▒ و(الصُّرَعَةُ) بضم المهملة وفتح الراء، بمعنى الصراع أي الذي يغلب على الناس كثيراً ويقدر على صرعهم وطرحهم على الأرض، و(انْتِهَاءُ المُلْكِ) عبارة عن انقطاع الملك عنده، أي: لا ملك بعده، وغرض البخاري أن هذه العبارات للحصر، إذ (ما) و(إلا) صريح في النفي والإثبات، و(إنما) هو بمعناهما، فمقتضاه ألَّا يُطلقَ لفظ (الكرم) إلا على القلب، وكذا لفظ (الملك) إلا على الله، لكنه / قد أُطلق على غيره، فتحقيقه: أنه حصرٌ على سبيل الادعاء، كأن الكرم الحقيقي هو القلب والشجر مجاز، كذلك الملك حقيقةً هو الله والباقي بالتجوُّز.
          الخطابي: نهى عن تسمية العنب كرماً لتوكيد تحريم الخمر، ولتأييد النهي عنها بمحو اسمها، ولما كان في تسليم هذا الاسم لها تقريراً لما كانوا يتوهمونه من التكرُّم في شربها، فقال: (إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ) لما فيه من نور الإيمان وتقوى الإسلام، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].
          قال ابن بطال: كلمة (إنَّما) هي للمبالغة والوصف بالنهاية، وقال: سمَّي الكرم كرماً؛ لأن الخمر المشروبة من عنبه تحث على الكرم، فكره أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وجعل المؤمن الذي يتقي شربها ويرى الكرم في تركها أحقَّ بهذا الاسم الحسن.