مصابيح الجامع

حديث: إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن

          7251- (فَاسْتَقْبِلُوهَا) بفتح الباء على الخبر، وبكسرها على الأمر.
          فإن قلت: إن كان مقصودُ البخاري أن يثبت (1) قبولَ خبرِ الواحدِ بهذا الخبر الذي هو خبرُ الواحد، فإنَّ ذلك إثباتُ الشيء بنفسه.
          قلت: إنما مقصودُه التنبيهُ (2) على مثالٍ (3) من أمثلةِ قبولهم خبرَ الواحد؛ لينضمَّ (4) إليه أمثالٌ لا (5) تُحصى، فثبت بذلك القطعُ بقبولهم لخبرِ (6) الواحدِ.
          ثم (7) مما يتعلق بالكلام على هذا الحديث، وهو استقبالُ أهلِ قُباءٍ إلى (8) الكعبةِ عند مجيء الآتي (9) لهم، وهم في صلاة الصبح؛ لأنه ◙ أمرَ أن تُستقبل الكعبة: أن نسخ الكتاب والسنة المتواترة بخبر الواحد هل يجوز أو لا؟ الأكثرون على المنع؛ لأن المقطوعَ لا يُزَالُ بالمظنون.
          ونُقل عن الظاهرية: جوازُ ذلك، واستُدل للجواز بهذا الحديث، ووجهُ الدليل: أنهم عملوا بخبر الواحد، ولم يُنكر عليهم النبيُّ صلعم.
          قال ابنُ دقيق العيد: وفي هذا الاستدلال عندي مناقشة؛ فإن المسألة مفروضةٌ في نسخ الكتابِ والسنةِ المتواترةِ (10) بخبر الواحد، ويمتنع في العادة في أهل قُباءٍ مع قربهم من الرسول صلعم، وإتيانهم إليه، وتيسُّرِ مراجعتِهم (11) له أن يكون (12) مستندُهم (13) في الصلاة إلى بيت المقدس خبراً عنه صلعم مع طول المدَّة، وهي: ستةَ عشرَ شهراً، من غير مشاهدة لفعله، أو مشافهة من قوله.
          قلت: ليس الكلامُ في صلاتهم إلى بيت المقدس مع طول المدة (14)، وإنما هو في الصلاة التي استداروا في أثنائها إلى الكعبة بمجرد إخبارِ الصحابيِّ الواحدِ لهم بتحويل القبلة، ولم ينكر عليهم ذلك النبيُّ صلعم، وهذا هو الذي استدلُّوا به فيما يظهر، والشيخُ لم يدفعه، ثم أطالَ الكلام ☼ في ذلك، بما هو مسطورٌ في «شرح العمدة»، فليراجَعْ من (15) هناك.


[1] في (ج) و(ف) زيادة: (فيه)، وفي (ق): ((ثبت)).
[2] في (ق): ((بذلك التنبه)).
[3] في (ج) و(ف): ((أمثال)).
[4] في (ج) و(ق): ((ليضم)).
[5] ((لا)): ليست في (ق).
[6] في (ق): ((لقبولهم خبر)).
[7] ((ثم)): ليست في (ق).
[8] في (ف): ((قبائل)).
[9] في (ف): ((الأثر)).
[10] في (ف): ((المتواتر)).
[11] في (ف): ((وتيسير مراجعهم)).
[12] ((يكون)): ليست في (ف).
[13] في (ف): ((يستندهم)).
[14] من قوله: ((وهي ستة عشر... إلى... قوله: طول المدة)): ليس في (ف).
[15] ((من)): ليست في (ف).