مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الكاف مع اللام

          الكَاف مع اللَّام
          1050- «الكَالي بالكَالِي» وهو الدَّين بالدَّين، وبيعُ الشَّيءِ المؤخَّر بالثَّمنِ المؤخَّرِ، وأبو عُبيدَة يهمز «الكَالي» وغيره لا يهمزه، وتفسيرُه: أن يكون لرَجُل على آخر دَين من بيع أو غيرِه، فإذا جاء لاقتضائه لم يجده عنده، فيقول له: بِعْ منِّي شيئاً إلى أجلٍ أدفعه إليك، وما جانَس هذا، ويزيدُه في المَبيعِ لذلك التَّأخير فيدخله السَّلف بالنَّفعِ.
          وقوله:«لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الماءِ لِيُمنَعَ به الكَلأُ» [خ¦2353] هو مهمُوزٌ مقصُورٌ؛ وهو المرعى والعشب رَطْبَاً كان أو يابساً عند الأكثرِ، وقال ثعلَب: الكلأ اليابسُ، ومفهومُ الحديثِ يَرُدُّ عليه، وتفسِيرُه: أنَّ مَن نزَل بماشِيَتِه على بئرٍ من آبار المواشي بالبادِيةِ فمَنَع فضلَها لمن أتى بعده ليَبْعُد عنه ولا يرعى خصب الموضع معه؛ لأنَّه إذا منَعَه الشُّرب منها لسَبْقِه إليها لم يقْدِر الآخر على الرَّعي بقُربِه دون شُربِ ماٍء فيُخْلِي له المرعى ويذهب يطلب الماء، وليس للآخر رَغبَة في منعِ الماء إلا لهذا، فنُهِيَ عنه، وفي الحديثِ الآخرِ: «ومِنْها... ما يُنبِتُ الكَلَأ» [خ¦79] بمَعناهُ.
          وقوله: «اكْلَأ لنا الصُّبح... وكَلَأ بِلالٌ» هو بمعنى الحفظ؛ أي: أرصد لنا طلوعه واحفظ / ذلك علينا. ومنه: كلأه الله؛ أي: حفظه.
          1051- وقوله: «كَلُّوبٌ» [خ¦1386] و«كَلاليب» [خ¦806] بفتح الكاف واحدٌ وجمعٌ، هي الخطاطيفُ، ويقال: كُلَّاب أيضاً للواحدِ؛ وهي خشبَة في رأسِها عُقَّافةُ حديدٍ، وقد تكون حديداً كلُّها.
          و«الكَلْبُ العَقُورُ» [خ¦1829] كلُّ ما يعقِرُ من الكلابِ والسِّباعِ ويعْدُو يُسمَّى كلباً.
          1052- وقوله في التَّفسيرِ: «{عَبَسَ} كلَح» [خ¦65-7285]» الكلَح بفتح اللَّام: تقلُّص الشَّفتَين، وفي التَّنزيل: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون:104]، و{عَبَسَ}[عبس:1] بمعنى: قَطَّب.
          1053- وقوله: «يحمل الكَلَّ» [خ¦3] بفتحِ الكاف، قال الله تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ}[النحل:76]، ينطلق على الواحدِ والجميعِ، والذَّكرِ والأنثَى، وقد جمعَه بعضُهم كُلُول، ومعناه الثَّقيل، ومَن لا يقدِرُ على شيءٍ كالعيال واليَتِيم والمسافر المعيي، وهذا أصلُه من الكَلال، وهو الإعياءُ، ثمَّ استُعمِل في كلِّ ضائعٍ، وأمر مُثقل، ومنه قوله ◙: «من ترك كلَّاً فعلَيَّ» [خ¦2398]؛ أي: عيالاً أو دَيْناً.
          قوله: «وتكَلَّلَه النَّسَب» [خ¦65-6649]، و«لا يَرِثُني إلَّا كَلالَةٌ» [خ¦5679]،قال الحربيُّ: في الكلالة وجهان؛ يكون الميت بنفسه إذا لم يترك ولداً ولا والداً، والقول الآخر: أنَّ الكلالةَ مَن تَرَكَهُ الميِّتُ غيرَ الأب والابن، ويدلُّ عليه هذا الحديث «وتكَلَّلَه النَّسَب»؛ أي: عطف عليه وأحاط به.
          وفي حديث حُنين: «فما زِلْتُ أرى حَدَّهُم كَلِيلاً»؛ أي: شدَّتهم وقوَّتهم آلت إلى ضَعفٍ وفشَلٍ، والكَلالُ: الإعياءُ والفشَلُ والضَّعفُ.
          قوله: «كَلَّا والله» [خ¦3] معناها الجحد؛ بمعنى: لا والله، وقيل: هي بمعنى الزَّجر.
          وفي حديثِ الاستسقاءِ: «فصارَت في مثلِ الإكليل» [خ¦1021] وهو ما أحاط بالظُّفر من اللَّحم، وكلُّ ما أحاط بشيءٍ فهو إكليل، ومنه إكليل الملك؛ وهي عصابته لإحاطتها بالجبين، وقيل: هي كالرَّوضةِ.
          وفي الحديث: «تبرُقُ أكاليلُ(1) وجْهِه» وهو الجبينُ وما يحيط منه بالوجه، وهو موضع الإكليل.
          1054- ومنه: «لا يُكْلَم أحدٌ في سَبيلِ الله...» [خ¦2803] الحديثَ، الكَلْم: الجُرْح.
          وقوله: «بكلمات الله التامَّة» [خ¦3371] يعني القرآنَ، ومنه: «وتَصْدِيقُ كَلِمَاته» [خ¦3123]، وقيل: كلام الله كله تامٌّ لا يدخله نقصٌ، كما يدخل كلام البشر.
          وقوله: «سُبحان الله عَدَد... كَلِمَاته» قيل في قوله تعالى: {قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف:109]؛ أي: علمه، فإذا كان على هذا فذِكُر العدد مجاز؛ بمعنى المبالغة في الكثرة؛ إذ علم الله تعالى لا ينحصر، وكذلك إن رُدَّ معنى كلماته إلى كلامِه أو القُرآنِ كما تقدَّم في قوله: «كلمات الله التَّامَّة»، وكما قيل: في قولِه ╡: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} [الأعراف:137]؛ أي: كلامه؛ إذ لا تنحصر صفاته بالعدد ولا بأوَّلٍ ولا بآخر، كذاته سبحانه، وإذا قلنا: معنى كلماته علمُه؛ أي: معلوماته، فيحتمل أن يريد العدد، ويحتمل أن يريد التَّكثير، وقيل: يحتمل أن يريد عدد الأذكار، أو عدد الأجور على ذلك، ونصب «عدداً» و«مداداً» على المصدرِ.
          وقوله في عيسى ◙: «كَلِمَة الله» [خ¦4476]؛ أي: خُلِقَ بكلِمَةٍ، وهي قوله: كُن من غيرِ أبٍ، كما قال: {مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ} الآية [آل عمران:59]، وقيل: سمَّاه كلمةً؛ لتبشيرها أوَّلاً بوَلدٍ، ثمَّ بكونه بشراً، فسمَّاه كلمة لذلك.
          قوله: {تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64] فسَّرَها في بقية الآية: {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ} [آل عمران:64] / وهي كلمة التَّوحيد، وكذا هي في قوله: «لتكون كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا» [خ¦123]؛ أي: توحيده بكلمة التَّوحيد. ومثله: «ونصر كلمته»؛ أي: توحيده، أو أهل كلمته ثمَّ حذف أهل.
          قوله: «تَزَوَّجْتُمُوهُنَّ بِكَلِمَةِ الله»؛ أي: بكلمة التَّوحيد؛ لا إله إلا الله، وقيل: قولُه: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229].
          وقوله: «أراك كَلِفت بعلم القرآن»؛ أي: علِقت به وأحببته وأولعت به.
          قوله: «ولا تَكَنُّوا بكُنيَتِي» [خ¦2120]، ويروى: «بكُنْوَتي»، وباليَّاء هو أكثر وأشهر، وإنَّما وقَع بالواو في «كتاب الأدبِ [خ¦78/106-9206]» من رواية الأصيلي خاصَّة، يقال: كنَوْته وكنَّيْتُه أَكْنِيْه، وأكْنُوه كُنية وكُنوة وهو الاسم، وأمَّا المصدر فكنْواً وكنْياً(2).


[1] رواية البخاري ░3555▒ ومسلم ░1459▒: (أسارير).
[2] هذه الفقرة مكانها في الكاف مع النّون.