جامع الصحيحين بحذف المعاد والطرق

حديث: واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة

          2884- (خ، م) حدَّثنا عبد الرَّحيم بن أحمد وأسعد بن مسعود العُتْبي وغيرهما قالوا: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن عبد الله قال: حدَّثنا أبو يحيى قال: حدَّثنا أبو اليَمان قال: أخبرنا شعيب عن الزُّهري قال: أخبرني عُبَيْد الله بن عبد الله بن أبي ثَور:
          عن عبد الله بن عَبَّاس أنَّه قال: لم أَزلْ حريصًا على أن أَسألَ عمرَ بنَ الخطاب عن المرأتَين من أزواج النبيِّ صلعم اللَّتَين قال الله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4] حتَّى حجَّ وحجَجتُ معه، وعدل وعدلتُ معه بإدَاوَةٍ، فتَبَرَّزَ، ثمَّ جاء، فسكبتُ على يدَيه منها، فتوضَّأ، ثُمَّ قلتُ له: يا أمير (1) المؤمنين؛ مَن المرأتانِ من أزواج النبيِّ صلعم اللَّتانِ قال الله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4]؟ فقال: واعَجَبًا لك يا ابنَ عَبَّاس؛ هما عائشةُ وحفصةُ، ثُمَّ استَقبلَ عمرُ (2) الحديثَ، فقال: إنِّي كنتُ أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أميَّةَ ابنِ زيد، وهي من عَوَالي المدينة، فكنَّا نَتَناوَبُ النُّزول على رسول الله صلعم، فيَنزل يومًا، وأَنزل يومًا، فإذا نَزلت جئتُه بما حدَثَ من خبر (3) ذلك اليوم من الوحي أو غيره، وإذا نزل فعل مثلَ ذلك، وكنَّا _مَعشرَ قريش_ نَغلبُ النِّساء، قال: فلمَّا قدمْنا على الأنصار إذا هم تَغلبُهم نساؤهم، فطفقَ نساؤنا يَأخذْنَ من أدبِ النِّساء الأنصارِ، فصِحْتُ على امرأتي، فراجعَتْني، فأنكرتُ أن تُراجعَني، فقالت: ولِمَ تُنكِرُ أنْ أُراجعَك، فواللهِ إنَّ أزواجَ رسول الله (4) صلعم لَيُراجعْنَه، وإنَّ إحداهنَّ لَتَهجرُه اليومَ حتَّى اللَّيل، فأَفزعَني ذلك، وقلت: قد خابَ مَن يَفعلُ ذلك، ثمَّ جمعتُ عليَّ ثيابي، فنَزلتُ، فدخلتُ على حفصةَ بنتِ عمرَ، فقلت لها: أيْ حفصةُ؛ أتُغاضِبُ إحداكنَّ رسولَ الله صلعم اليومَ حتَّى اللَّيل؟! فقالت: نعم، فقلت: قد خِبتِ وخسرتِ، أفتَأمَنين أن يَغضبَ اللهُ تعالى لغضب رسول الله صلعم، فتَهلكِين؟! لا تَستكثِري رسولَ الله صلعم، ولا تُراجعيه في شيءٍ، ولا تَهجرِيه، وسَلِيني ما بدا لك، ولا يَغُرَّنَّكِ إن كانت جارتُك (5) هي أَوضَأَ (6) منك وأحبَّ إلى رسول الله صلعم، يريد: عائشة.
          قال عمر: وكنَّا قد تحدَّثنا أنَّ غسَّان تَنْعَلُ الخيلَ لِتغزوَنا، فنَزل صاحبي الأنصاريُّ يومَ نَوبتِه، فرجع إلينا عِشاءً، فضرب بابي ضربًا شديدًا، وقال: أثَمَّ عمرُ؟ فتَفزَّعتُ، فخرجتُ إليه، فقال: قد حدَثَ أمرٌ عظيمٌ، قال: فقلت: وما هو؟ أجاءتْ غسَّانُ؟ فقال: لا، بل أعظمُ من ذلك وأطولُ؛ طلَّقَ رسولُ الله صلعم نساءَه، قال: فقلت: خابَتْ حفصةُ وخَسِرتْ، قد كنتُ أظنُّ أنَّ هذا يُوشك أن يكونَ، قال: فجمعتُ عليَّ ثيابي، فصلَّيتُ صلاةَ الفجر مع رسول الله صلعم، / قال: فدخل رسولُ الله صلعم مَشْرُبةً له، فاعتَزل فيها، ودخلتُ على حفصةَ، فإذا هي تبكي، قال (7) : فقلت: ما يُبكيك؟ أولَمْ أكنْ قد (8) حذَّرتُك هذا؟! أطلَّقَكنَّ رسولُ الله صلعم؟ فقالت: لا أدري، ها هو ذا مُعتزلٌ في هذه المَشرُبة، فخرجتُ، فجئتُ المِنبر، فإذا حولَه رهطٌ يَبكي بعضُهم، فجلستُ معهم، ثُمَّ غلَبَني ما أَجدُ، فجئتُ المَشرُبةَ التي فيها رسولُ الله صلعم، فقلت لغلامٍ له أسودَ: استَأذِنْ لعمرَ، فدخل الغلامَ، فكلَّم رسولَ الله صلعم، ثُمَّ رجع إليَّ، فقال: كلَّمتُ رسولَ الله صلعم وذكرتُك له، فصَمَتَ، فرجعتُ، فجلستُ مع الرَّهط الذين عند المِنبر، ثُمَّ غلَبَني ما أَجدُ، فجئتُ الغلامَ، فقلت له: استَأذِنْ لعمرَ، فدخل، ثُمَّ رجع إليَّ، فقال: قد (9) ذكرتُك له، فصَمَتَ، قال فلمَّا وَلَّيتُ منصرفًا، قال: إذا الغلامُ يَدعُوني، قال: قد أَذنَ لك رسولُ الله، قال: فدخلتُ على رسول الله، فإذا هو مضطجعٌ على رمالِ حصيرٍ، ليس بينَه وبينَه فراشٌ، قد أثَّرَ الرِّمال بجنبه، مُتَّكِىءٌ على وِسادةٍ من أَدَم، حشوها اللِّيفُ، فسلَّمتُ عليه، ثُمَّ قلت _وأنا قائمٌ_: يا رسول الله؛ أطلَّقتَ؟ قال: فرفع بصرَه، فقال: «لا» فقلت: الله أكبر، ثمَّ قلت _وأنا قائمٌ أَستَأنِسُ_: يا رسول الله؛ لو رأيتَني وكنَّا _مَعشرَ قريش_ نَغلبُ النِّساء، فلمَّا قدمْنا المدينةَ قدمْنا على قومٍ تغلبُهم نساؤهم، فتغيَّظتُ على امرأتي، فإذا هي تُراجعُني، فأَنكرتُ ذلك عليها، فقالت: أَتُنكرُ أن أُراجعَك؟! فواللهِ إنَّ أزواجَ رسول الله صلعم لَيُراجعْنَه، وتَهجرُه إحداهنَّ اليومَ حتَّى اللَّيل، فقلت: قد خابَتْ حفصةُ وخسرتْ، أفتَأمَنُ إحداهنَّ أن يَغضبَ اللهُ تعالى لغضب رسوله، فإذا هي قد هلَكَتْ؟! فتَبسَّم رسولُ الله صلعم، ثُمَّ قلت: يا رسول الله؛ لو رأيتَني ودخلتُ على حفصةَ، فقلت لها: لا يَغرَّنَّكِ إن كانت جارتُكِ هي أَوضأَ منك وأحبَّ إلى رسول الله صلعم _يريد عائشة_ فتبسَّم رسولُ الله صلعم تبسُّمةً أخرى، فجلستُ حين تَبسَّم، فرفعتُ بصري في بيته، فواللهِ ما رأيتُ فيه شيئًا يَردُّ البصرَ غيرَ أَهَبَةٍ ثلاثةٍ، فقلت: يا رسول الله؛ ادعُ الله ╡، فَلْيُوسِّعْ على أمَّتِك؛ فإنَّ فارسَ والرُّومَ وُسِّعَ عليهم، وأُعطُوا الدُّنيا، وهم لا يعبدون الله ╡، فجلس رسولُ الله صلعم، وكان مُتَّكِئًا، فقال (10) : «أوَفي هذا أنتَ (11) يا ابنَ الخطاب؟! إنَّ أولئك قومٌ عُجِّلوا طيباتِهم في الحياة الدُّنيا» فقلت: يا رسول الله؛ استَغفِرْ لي، قال: فاعتزل رسولُ الله صلعم نساءَه (12) ؛ من أجل ذلك الحديث حين أَفشَتْه حفصةُ إلى عائشةَ تسعًا وعشرين ليلةً، وكان قال: «ما أنا بداخلٍ عليهنَّ شهرًا (13) » [من شِدَّة مَوجِدَتِه عليهنَّ، فلمَّا مضَتْ تسعٌ وعشرون ليلةً] (14) دخل على عائشةَ، فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول الله؛ إنَّك كنتَ (15) أَقسمتَ أن لا تَدخلَ علينا شهرًا، وإنَّما هي تسعٌ وعشرون ليلةً، أعدُّهُنَّ عددًا، فقال رسول الله صلعم: «الشهرُ تسعٌ وعشرون» وكان ذلك تسعًا وعشرين ليلةً. [خ¦2468]
          وفي رواية: عن عُبيد بن حُنين عن ابن عَبَّاس قال: وكان مَنْ حَولَ رسول الله صلعم قد استقام، إلَّا ملكُ غسانَ بالشام، وقال: ثُمَّ دخلتُ على أمِّ سَلَمة؛ لقرابتي منها، فكلَّمتُها، فقالت: عجبًا لك؛ قد دخلتَ في كلِّ شيءٍ، حتَّى تبتغيَ أن تَدخلَ بين رسول الله صلعم وأزواجِه (16) ؟! فأَخذَتْني واللهِ أخذًا كَسَرَتْني.
          رواية أبي زُمَيل، وفيها ألفاظٌ ليست بِمُعَادةٍ /


[1] في (ظ): (يا مير).
[2] عمر: ليس في (ظ).
[3] في (ظ): (خير).
[4] في (ظ): (النبي).
[5] في (ظ): (جاريتك).
[6] في (ظ): (أرضى).
[7] (قال): ليس في (ظ).
[8] (قد): ليس في (ظ).
[9] (قد): ليس في (ظ).
[10] (قال): ليس في (ظ).
[11] في (ظ): (أتيت).
[12] (نساءه): ليس في (ظ).
[13] زيد في (ظ): (وإنَّما هي تسع وعشرون ليلة)، ولعله سبق نظر.
[14] ما بين معقوفين سقط من (ظ).
[15] (كنت): ليس في (ظ).
[16] في (ظ): (وبين أزواجه).