تحفة الأخباري بترجمة البخاري

قصة أهل البصرة مع الإمام البخاري

          وخرَّج الحافظ أبو بكر الخطيب في ((تاريخه)) من حديث يوسف بن موسى المَرْوَرُوذِيِّ، قال: كنتُ بالبصرة في جامعها إذ سمعتُ مناديًا ينادي: يا أهل العلم قد قدم محمَّد بن إسماعيل البخاريُّ. فقاموا في طلبه وكنت معهم، فرأيت رجلًا شابًا لم يكن في لحيته شيءٌ من البياض يصلي خلف الأسطوانة، فلمَّا فرغ من الصلاة أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء، فأجابهم إلى ذلك، فقام المنادي ثانيًا فنادى في جامع البصرة: قد قدم أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري فسألناه أن يعقد / [مجلس] الإملاء، فقد أجاب بأن يجلس غدًا في موضع كذا. قال: فلمَّا أنْ كان بالغداة حضر الفقهاء والمحدِّثون والحفاظ والنظار حتى اجتمع قريب من كذا كذا ألف، فجلس أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل للإملاء، فقال قبل أن يأخذ في الإملاء قال لهم: يا أهل البصرة، أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل. قال: فبقوا النَّاس وتعجبوا(1) من قوله، ثمَّ أخذ في الإملاء، قال: حدَّثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة(2) بن أبي روَّاد العَتَكي بلديكم: أخبرنا أبي، عن شعبة، عن منصور وغيره، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس بن مالك ☺: أنَّ أعرابيًا جاء إلى النَّبيِّ صلعم فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم، فذكر حديثَ: «المرءُ مع مَنْ أَحَبَّ»، ثمَّ قال محمَّد بن إسماعيل: هذا ليس عندكم، إنَّما عندكم عن غير منصور، عن سالم، قال يوسف بن موسى: وأملى عليهم مجلسًا على هذا / النسق، يقول في كل حديث: روى شعبة هذا الحديث عندكم كذا، فأمَّا من رواية فلان فليس عندكم أو كلامًا ذا معناه.


[1] في (ب):.. .الكل. فتعجب الناس.
[2] في (أ): حبلة، وفي (ب) حاشية: وهو عبدان.