الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

حديث: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا.

          6594- قوله: (أَبُو الْوَلِيدِ) بفتح الواو، و(المَصْدُوقُ) أي المخبر به بلفظ المفعول صدقاً أي ما أخبره جبريل به كان صدقاً ويحتمل أن يراد المصدق من جهة الناس. فإن قلتَ: ما الغرض من ذكر الصادق المصدوق وهو إعلام بالمعلوم؟ قلتُ: لما كان مضمون الخبر أمراً مخالفاً لما عليه الأطباء إرادة الإشارة إلى صدقه وبطلان ما / قالوه أو ذكره تلذُذاً وتبركاً وافتخاراً. قال الطبيب : إنما يتصور الجنين فيما بين ثلاثين يوماً إلى أربعين والمفهوم من الحديث أن خلقته إنما تكون بعد أربعة أشهر.
          قوله: (بِرِزْقِهِ) وهو الغذاء حلالاً أو حراماً وقيل كل شيء ساقه الله تعالى إلى العبد لينتفع به وهو أعم لتناوله العلم ونحوه، و(الَأَجَل) يطلق لمعنيين لمدة العمر من أولها إلى آخرها وللجزء الأخير الذي يموت فيه. فإن قلتَ: هذا يدل على أن الحكم بهذه الأمور بعد كونه مضغةً لا أنه أزلي، قلتُ: هذا إعلام للملك بأن المقضي في الأزل هكذا حتى يكتب على جبهته مثلاً، فإن قلت: هذه ثلاثة أمور لا أربعة، قلت: الرابع كونه ذكراً أو أنثى كما صرح به في الحديث الذي بعده أو عمله كما تقدم في أول كتاب بدء الخلق، ولعله لم يذكره لأنه يلزم من المذكور، أو اختصر الحديث اعتماداً على شهرته. فإن قلتَ: يلزم منه مشكل آخر وهو أن الرابع إما العمل وإمَّا الذكورة مثلاً وإلا كان خمسةً، قلت: لا يلزم من الأمر بكتابة أربعة أن لا يكون شيء آخر مكتوباً عليه، أو العمل بالذكورة والأنوثة مستلزم العلم بالعمل لأن عمل الرجل مخالف لعمل المرأة وكذلك العكس.
          قوله: (غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ) في بعضها <غير ذراع أو ذراع> بالرفع مفرداً يعني ما يكون بينهما (إِلَّا ذِرَاعٌ) أو أقل من ذراع والمقصود قربُه إلى الجنة لا التحديد بالذراع ونحوه، و(الْكِتَابُ) أي مكتوب الله يعني القضاء الأزلي.
          قوله: (آدَمُ) هو ابن أبي إياس الراوي عن شعبة.