الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

حديث: ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ

          [5475- قوله: (أَبُو نُعَيْمٍ) بضم النون اسمه الفضل بسكون المعجمة، و(زَكَرِيَّا) هو ابن أبي زائدة من الزيادة، و(عَامِرٌ) هو الشعبي بفتح المعجمة وإسكان المهملة وبالموحدة، و(عَدِيُّ) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية وشدة التحتانية ابن حاتم الطائي.
          قوله: (المِعْرَاضُ) بكسر الميم وتسكين المهملة وبالراء والمعجمة سهم بلا ريش ونصل غالباً يصيب بعَرْض عوده دون حدِّه أي: منتهاه الذي له حدة، وقيل: سهم طويل له أربع قدد رقاق إذا رمى به اعترض.
          الخطابي: هو نصل عريض له ثقل ورزانة إذا وقع بالصيد من قبل حدِّه فجرحه ذكَّاه وهو معنى لفظ: (فخزق).
          وإن أصاب بعرضه فهو وقيذ لأن عرضه لا يسلك إلى داخله وإنما يقتله بثقله والرزانة.
          قوله: (أَخْذَ الكَلْبِ) أي: حكمُه حكم التزكية فيحل أكله كما يحل أكل المذكاة، والمراد بكلب غيره كلب لم يرسله من هو أهله، وقال: (فَلَا تَأْكُلْ) لأن الصيد على الحظر فلا يُؤكل إلا بيقين وقوع الذكاة على الشرط الذي أباحته الشريعة.
          قوله: (اسْمً اللَّهِ) أجمعوا على التسمية عند الإرسال على الصيد وعند الذبح، فقال أَبُوْ حنيفة ومالك: هي واجبة، فإن تركها عمداً حرم الذبح.
          وقال الشافعي: إنها سنة، فلو تركها عمداً أو سهواً لم يحرم.
          وهذا الحديث معارض بحديث عائشة أن قوماً قالوا: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا، فقالوا : (سمُّوا أنتم وكلوا) فهو محمول على الاستحباب.
          وأما آية: {لاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] فلا تدلُّ على مطلوبهم فأنه مقيد بقوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام:121] وهو مفَسِّر لما أهلَّ به لغير الله.
          ومعناها لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، وقد ذكر اسم غير الله يعني اللات والعزَّى، مع أنه معارض أيضاً بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائدة:5] مع أنهم لا يسمون الله عليه.
          الخطابي: ظاهره أنه إذا لم يُسمَّ الله لم يحلَّ وإليه ذهب أهل الرأي، إلا أنهم قالوا: إن لم يُترك عمداً جاز أكله، وقول من لم يرَ التسمية باللسان شرطاً في الذكاة على معنى ذكر القلب، وذلك أن يكون إرساله الكلبَ على قصد الاصطياد به.]