المتواري على أبواب البخاري

باب شهادة القاذف والسارق والزاني

          ░8▒ باب شهادة القاذف والسارق والزاني، وقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:4]
          وجلد عمر أبا بكرة وشِبل بن معبدٍ ونافعاً بقذف المغيرة، ثمَّ استتابهم، فقال: «من تاب قُبِلَت شهادته».
          وأجازه عبد الله بن عتبة وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبيرٍ وطاوسٌ ومجاهدٌ والشعبيُّ وعكرمة والزهريُّ ومحارب بن دثارٍ وشريحٌ ومعاوية بن قرَّة.
          وقال أبو الزناد: «الأمر عندنا بالمدينة إذا رجع القاذف عن قوله فاستغفر ربَّه قبلت شهادته».
          وقال الشعبيُّ وقتادة: «إذا أكذب نفسه جُلِدَ وقُبِلَت شهادته».
          وقال الثوريُّ: «إذا جلد العبد ثمَّ أُعْتِقَ جازت شهادته، وإن(1) استُقْضِيَ المحدود فقضاياه جائزةٌ».
          وقال بعض الناس: «لا تجوز شهادة القاذف وإن تاب».
          ثمَّ قال: «لا يجوز(2) نكاحٌ بغير شاهدين، وإن تزوَّج بشهادة محدودين جاز، وإن تزوَّج بشهادة عبدين لم يَجُزْ، وأجاز شهادة المحدود والعبد والأمة لرؤية (هلال) رمضان، وكيف تعرف توبته؟ وقد نفى النبيُّ صلعم الزاني سنةً، ونهى عن كلام كعب بن مالكٍ وصاحبيه حتَّى مضى خمسون(3) ليلةً».
          429- فيه عائشة: «أنَّ امرأةً سرقت في غزوة الفتح، فأتي بها النبيُّ(4) صلعم ، فقُطِعَت(5) يدُها، قالت عائشة: فحسنت توبتُها وتزوَّجت، وكانت تأتيني بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى النبيِّ صلعم ». [خ¦2648].
          430- وفيه زيد بن خالدٍ: «أنَّ النبيَّ صلعم / أمر فيمن زنا ولم يحصن بِجَلد مئةٍ وتغريب عامٍ». [خ¦2649].
          [قلتَ رضي الله عنك:] قوله في الترجمة: «وكيف تعرف توبته؟» كالترجمة المستقلَّة المعطوفة، ثمَّ بيَّن كيفيَّة المعرفة بالتوبة بتغريب من يغرَّب مدَّةً معلومةً وبهجران الثلاثة مدَّةً معلومةً حتَّى تتحقَّق(6) التوبة وتحسن الحال، يشير(7) إلى أنَّ التوبة قد تظهر بقرائن الأحوال وبالأسباب المضيِّقة على العاصي فإنَّها زواجر تندمه على جريمته في الغالب.
          وأشكل ما في ذلك توبة القاذف المحقِّ إذا لم يكمل النصاب، أمَّا (القاذف)(8) الكاذب في القذف فتوبته بيَّنةٌ، وأمَّا الصادق في قذفه كيف يتوب فيما بينه وبين الله(9) وأشبه ما (في)(10) ذلك عندي أنَّ المعاين للفاحشة لا يجوز له أن يكشف صاحبها إلَّا إذا تحقَّق كمال النصاب معه، فإذا كشفه حيث لا نصاب(11) فقد عصى الله، وإن كان صادقاً فيتوب من المعصية في الإعلان، لا من الصدق، والله أعلم.


[1] في (ع): «أو إن».
[2] في (ع): «يجوز».
[3] في (ت): «بخمسون».
[4] في (ت) و(ع): «إلى النبي».
[5] في (ت) و(ع): «فأمر بها فقطعت».
[6] في (ت): «يتحقق».
[7] في (ع): «بخير».
[8] ليست في (ت).
[9] في (ت) و(ع): «الله تعالى».
[10] ليست في (ع).
[11] في (ت): «لا يصاب».