المتواري على أبواب البخاري

كتاب الجزية

          ░░58▒▒ كتاب الجزية
          ░1▒ باب الجزية والمُوادعة مع أهلِ الحرب، وقوله تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:29] (أذلاء)(1)، وما جاء في أخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس والعجم
          وقال ابن عيينة عن ابن أبي نَجيح: «قلتُ لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن(2) عليهم دينار؟ قال: جُعل ذلك من قِبَل اليسار».
          224- فيه جابر بن زيد عن بَجَالة قال: «كنت كاتباً لجَزْءِ بن معاوية عمِّ الأحنف، فأتانا(3) كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: فَرِّقوا بين كل ذي مَحْرَم من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد ابن عوف أن النبي صلعم أخذها من مجوس هجر». [خ¦3156].
          225- وفيه عمرو بن عوف: «أن النبي صلعم بعث أبا عبيدة إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان النبي صلعم هو(4) صالَحَ أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقِدمَ أبو(5) عبيدة بمال من البحرين، فسَمِعتِ الأنصارُ بقدومه، فوافَتْ(6) صلاةَ الصبح مع النبي صلعم ، فلما انصرف تعرضوا له(7)، فتبسَّم حين رآهم وقال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟ قالوا: أجل، قال: فأبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فوالله(8) لا الفقر / أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على (من كان) من قبلكم، فتنافسوها(9) كما تنافسوها وتُهلككم كما أهلكتهم». [خ¦3158].
          226- وفيه جبير بن حيَّة: «بعثَ عمرُ الناسَ في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين، فأسلم الهُرْمُزان، فقال: إني مستشيرك(10) في مغازيَّ هذه، قال: نعم، مَثَلُها ومَثَلُ من فيها منَ الناس منْ عدو المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان وله رِجْلان، فإن كُسِر أحد الجناحين نهَضتِ الرِّجلان بالجناح والرأس، وإنْ كُسِر الجناح الآخر نهضَتِ الرِّجلان والرأس، وإن شُدِخَ الرأس ذهبت الرِّجلان والجناحان(11)، والرأس (فالرأس)(12) كِسْرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمُرِ المسلمين فليَنْفِروا إلى كسرى، قال(13) جبير: فَنَدَبنا عمر، واستعمل علينا النعمان بن مُقرِّن، حتى إذا كنَّا بأرض العدو خرج(14) علينا عامل كسرى في أربعين ألفاً، فقال ترجمان له: ليُكلِّمْني رجل منكم(15)، فقال المغيرة: سَلْ عمَّا شئت، قال: ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب كنا في شقاءٍ شديدٍ وبلاءٍ شديدٍ، نَمَصُّ الجِلْدَ والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر(16)، فبينا نحن كذلك إذ بعث ربُّ السموات وربُّ الأرض إلينا نبياً(17) من أَنْفُسنا، نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبيُّنا (ورسول ربنا) أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبيُّنا عن رسالة ربنا أنَّه من قُتِل مِنَّا صار إلى الجنَّة في نعيم لم يَرَ مثله قط، ومن بقي منَّا ملك رقابكم، فقال النعمان: ربَّما أشهدك الله مثلها مع النبي صلعم فلم يُنَدِّمْك ولم يُحزنك، ولكني(18) شهدت القتال مع النبي صلعم كثيراً، كان إذا(19) لم يقاتل في أوَّل النهار انتظر حتى تَهُبَّ الأرواح وتحضُرَ الصلوات». [خ¦3159].
          [قلتَ رضي الله عنك:] إن أراد البخاريُّ بالموادعة عقد الذمة لهم بأخذ الجزية وإعفائهم بعد ذلك من القتل فهذا (هو)(20) حكم الجزية، والموادعة / غير ذلك.
          وإن أراد متاركة(21) قتالهم مع إمكانه قبل الظفر بهم _وهو معنى الموادعة_ فما في هذه الأحاديث ما يطابقها إلا تأخر النعمان عن مقابلة العدو وانتظاره زوال الشمس، فهي موادعة في هذا الزمان مع الإمكان لمصلحة، والله أعلم.


[1] ليست في (ع).
[2] في (ت): «واليمن».
[3] في (ع): «وأتانا»، ورسمت في (ز): «فأىـا».
[4] في (ت): «وهو الذي»، وفي (ع): «هو الذي».
[5] في (ت): «أبا».
[6] في (ع): «فوافقت».
[7] في (ت): «إليه».
[8] في (ت): «ففو الله».
[9] في (ع): «فتتنافسوها».
[10] في (ع): «مستسرك».
[11] في (ت) و(ع): «الجناحان والرجلان».
[12] ليست في (ع).
[13] في (ت): «وقال».
[14] في (ت) و(ع): «وخرج».
[15] في (ت) و(ع): «رجل مسلم».
[16] في (ع): «الحجر والشجر».
[17] في (ع): «إذ بعث إلينا رب السموات ورب الأرض نبياً».
[18] في (ع): «ولكن».
[19] في (ت): «إذ».
[20] ليست في (ع).
[21] في (ع): «مشاركة».