          ░35▒ (بَابُ عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ)
          هي بتخفيف الياء، ورُوِي: بتشديدها؛ بئرٌ بينها وبين المدينة تسع مراحل، ومرحلةٌ إلى مكَّة خارج⁽¹⁾ الحرم على الصحيح.
          قوله تعالى: ({لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ⁽²⁾ } [الفتح:18]) هذا في بيعة الحديبية، وهي بيعة الرضوان، وسببها أنَّ النبيَّ صلعم لَمَّا بعث عثمان ☺ مِنَ الحديبية إلى مكَّة ليخبر⁽³⁾ قريشًا أنَّه لم يأت لحربٍ، إنَّما جاء زائرًا للبيت، فجاءهم، فبلَّغهم الرسالة، فاحتبسوه عندهم، فبلغ النبيَّ صلعم أنَّ عثمان قُتِل، فقال ╕: «لا نبرح حتَّى نناجز القوم» فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوه تحت الشجرة، وهي سمرة، فقال بكير بن الأشجع: بايعوه على الموت، فقال ╕: «بل على ما استطعتم» ثمَّ بلغ النبيَّ صلعم أنَّ الذي ذُكِر مِن قتل عثمان باطلٌ، وقوله: ({فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح:18])؛ أي: فَعَلِمَ الله ما في قلوبهم مِنَ الصدق والوفاء، ({فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} [الفتح:18])؛ أي: الطمأنينة⁽⁴⁾ والرضا، ({وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح:18])؛ أي: جازاهم فتح مكَّة، وقِيل: فتح خيبر، وأراد بالقريب: القريب المدَّة⁽⁵⁾، ({وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً} [الفتح:19])؛ أي: وأثابهم مغانم كثيرةً، ({يَأْخُذُونَهَا} [الفتح:19]) وهي مغانم خيبر، ({وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا} [الفتح:19]) لا يمتنع عليه شيءٌ أراده، ({حَكِيمًا} [الفتح:19]) يضع الأشياء مواضعها بالحكمة والصواب.
          وفي الباب: حديث زيد بن خالدٍ، ومضى بيانه في (باب قول الله ╡ : {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة:82]) مِن (كتاب الاستسقاء).
          وفيه: أنَّه مِن أهل بيعة الرضوان، وأنَّ هذه القضيَّة كانت بالحديبية.
          وفي الباب: حديث أنسٍ، وسبق بيانه في (باب: كمِ اعتمر النبيُّ صلعم) مِن (كتاب الحجِّ).
          وفي الباب: بعض حديث أبي قتادة، ومضى شرحه بتمامه في (باب: جزاء الصيد) مِن (كتاب الحجِّ)، وفيه: أنَّه كان مِن أهل الحديبية.

[1] زيد في (ف): (إلى مكة خارج)، وهو تكرار.
[2] زيد في (ف): {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
[3] في (ب): (ليخير).
[4] في (ف): (الطانينة).
[5] في (ف): (أراد بالقريب مالمدة).

الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه