غاية التوضيح

حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة

          5643- قولُهُ: (كَالْخَامَةِ) بالمُعجَمة والميم المُخفَّفة: كالطَّاقة الغضَّة الطَّريَّة اللَّيِّنة من النَّبات، وقيل: أوَّل ما ينبت على ساقٍ واحدةٍ.
          قولُهُ: (تُفَيِّئُهَا) بالفاء؛ أي: تُميلُها وتقلبُها، وفاعلُها (الرِّيحُ)، والقرينةُ العاديَّةُ تدلُّ عليه؛ كذا في «الكرمانيِّ».
          قولُهُ: (كَالْأَرْزَةِ) بفتح الهمزة والزَّاي بينهما راءٌ ساكنةٌ: نباتٌ ليس في أرض العرب، وقيل: هو شجرُ الصَّنوبر لا يُحرِّكُهُ هبوبُ الرِّيح، و(انْجِعَافُهَا) بالجيم والمُهمَلة؛ أيِ: انقلاعُها وانكسارُها، وجهُ شبهِ المؤمن بالخامة من حيثُ إنَّه إذا جاءَهُ أمرُ الله؛ انقادَ له ورضيَ به، فإن جاءَهُ؛ خيرٌ؛ فرحَ به وشكر، وإن وقعَ له مكروهٌ؛ صبر ورجا فيه الأجر، فإذا اندفع عنه؛ اعتدل(1) شاكرًا، والنَّاسُ في ذلك على أقسامٍ؛ منهم من ينظر إلى أجر البلاء فيهونَ عليه البلاءُ، ومنهم من يرى أنَّ هذا [من تصرُّفِ المالكِ في ملكِهِ، فيُسلِّم ولا يتعرَّض، ومنهم من تشغلُهُ المحبَّةُ عن طلب رفعِ البلاء، وهذا](2) أرفعُ من سابقِهِ، ومنهم من يتلذَّذ به، وهذا أرفعُ الأقسام، وأمَّا المنافقُ؛ فوجهُ شبهِهِ بالأَرزةِ أنَّ المنافقَ يُجعَل له التَّيسيرُ في الدُّنيا حتَّى إذا أراد اللهُ إهلاكَهُ؛ قصمَهُ، فيكون موتُهُ أشدَّ عذابًا عليه؛ كذا في «القسطلانيِّ».


[1] في الأصل: (أعدل)، وهو تحريفٌ.
[2] ما بين معقوفين مثبتٌ من «القسطلانيِّ» (8/341).